أنا شخصياً ضد العنف وضد من يمارسه، سواء دولة تجاه دولة أو فرد تجاه آخر أو غيره، لكن الكلام عن القنبلة النووية له طعمه في ظروف كهذه، لأن العراق كان في بداياته النووية "لاحقوه" وفي منتصف الثمانينيات تم تدمير المفاعل النووي العراقي، وليس هذا فحسب، بل أدخلوا العراق في حرب مع الجارة إيران لمدة ثمان سنوات حتى تنهار قوى البلدين، ولم يرتح بالهم في الغرب إلا بعد احتلالهم للعراق وتدميره تماماً أمام أعين العالم.. ونحن العرب لا حول لنا ولا قوة عودونا حكامنا "الفاشلين" أن نتفرج على خيباتنا المتعددة وعلى نكباتنا المتكررة.. وهاهي إيران الدولة المسلمة التي حاولت امتلاك السلاح النووي تُهدد كل يوم، فمن غير المقبول أن تمتلك أي دولة في الشرق الأوسط سلاحاً نووياً إلا إسرائيل الوحيدة التي يجوز لها ذلك.. كلام يشعرنا بمدى الهوان والاستضعاف من قبل هؤلاء البشر تجاهنا، كيف أسمح لهذا ولا أسمح لهذا؟! وباكستان الدولة المسلمة الأخرى يُحاك ضدها الخطط من أجل عدم استقرارها خوفاً من أن تقع القنبلة النووية في أيدي المتطرفين الإسلاميين.
لم يعد سلاح النفط يجدي يا عرب ويا مسلمون، لأن موازين القوى لم تتعادل بعد، لأن فلوس النفط يشتري بها العرب الأثرياء الفلل والمدن الأوروبية والأندية الرياضية والشركات المتعثرة، ولأن الثراء العربي جاء لعنة على الأمة، كونها ما زالت في معظمها فقيرة.. إذاً طالما والنفط لم يغير في الصورة ولا في الموازين الدولية ولا في البطيخ، فعليكم بالسلاح النووي، طبعاً، مجرد التفكير في هذا الموضوع يصيب حكامنا بالرعب والخوف من أميركا وإسرائيل وبقية الشلة الصناعية، ماذا سيفعلون؟! ليس أكثر مما فعلوه مع إيران الدولة الصامدة والواعية لما تقوم به - حتى وإن اختلفنا معها- فأي حاكم عربي يفكر الآن في امتلاك السلاح النووي ويسعى لامتلاكه؟! أي حاكم عربي يخطط لتغيير نظام القوة من خلال امتلاكه للسلاح النووي، وبالتالي تحصين بلاده من أي غزو أو تهديد بالغزو؟ رحل الحكام العرب العملاء الفاسدين عن كراسي الحكم في الربيع العربي وبقي القليل، لكن من أتوا ليسوا أقوياء لدرجة أننا نطالبهم بالسلاح النووي، ولكن نتمنى من الذي سيأتون بعدهم أن يفكروا في الأمة التي تهان كل يوم، تموت كل يوم، تدارس كرامتها كل ساعة، تنتهك سيادتها ليلاً ونهاراً.. أمة تحتاج لمشروع نووي يحميها ويجعل منها رقماً لا يمكن تجاوزه.
قال أبو القنبلة النووية الباكستانية د. عبدالقادر خان في اللقاء الصحفي عام 2004م: "كثيرون يعتقدون أن صناعة القنبلة النووية تكلف مليارات الدولارات وهذا غير صحيح، القنبلة التي قمت بصناعتها كلفت أقل من 3 ملايين دولار في حين أن الطائرة ثمنها 60 مليون دولار، لذلك أنه بوسع العرب صناعتها وامتلاكها بتكاليف أقل، هذا لو حاولا امتلاك الخبرة المناسبة بدلاً من شراء الأسلحة، والمعدات المستوردة التي تكلف الشعوب العربية ملايين الدولارات".. كلام واحد عالم بمجاله، وانتوا فكروا كيف تهدر الملايين في كلام فارغ وفي شراء أسلحة ثقيلة وخفيفة لنتقاتل بها، ماذا لو درس مشروع امتلاك سلاح نووي في عدد من الدول العربية وبدء العمل فيه؟! صدقوني ستنقلب الدنيا رأساً على عقب، لكن إذا كانت هناك إرادة سياسية فلا خوف إلا من الله.
يُقال إنه يوجد في العالم "30" ألف سلاح نووي، لا ضير إن ازداد قليلاً، ويُقال إن الدول الثمان النووية لديها وحدها أكثر من 31 ألف سلاح نووي، هذا غير الـ"30" ألف الأولى، 95% من الـ31 ألفاً لدى الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، وبهذه المناسبة نضيف أن أميركا رفضت التوقيع على الاتفاقية الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والجرثومية، لأنها تعمل لوحدها وبمزاجها في إنتاج الأسلحة ولا يحق لأحد إيقافها أو محاكمتها أو....إلخ، لكن الآخرين ليس من حقهم أبداً، ورئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليس لديه إلا ملف إيران النووي وبإيعاز من الدول العظمى الصناعية النووية وعلى رأسها أميركا وإسرائيل، يسعون لإيقاف مشروع إيران بأي ثمن فقط، لأنها دولة مسلمة ومعادية لإسرائيل ولأسباب ثانوية أخرى.
هلاّ فكرتم يا حكامنا في السلاح الأكثر جدوى، ضمان المستقبل لحفظ وجودنا في عالم لا يعيش فيها إلا الأقوياء..
محاسن الحواتي
حكامنا والقنبلة النووية!! 2092