;
نجيب أحمد المظفر
نجيب أحمد المظفر

لنعش في ظلال أهدفنا!! 2297

2012-08-02 03:23:12


الحياة في ظلال الهدف حياة العظماء الذين اختاروا أن يكونوا أرقاماً يصعب تجاهلها أو إهمالها فارتضوا لأنفسهم أن تعيش بأقدام في الثري وهامات في الثريا, إنهم من تُحلق بهم أرواحهم التي اختارت الإيمان هدفاً سامٍ تحت عرش الرحمن, وما ذاك إلا لاستشعارهم أن الحياة لحظة سيُعبِرون عنها غداً بين يدي الله حينما يسألهم عن مدة لبثهم ومكثهم في هذه الدنيا قائلاً لهم(قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) فيجيبون (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ) فبعلمهم أن الحياة فرصة سرعان ما تنقضي فقهوا كيف يرسموها طريقاً يتسابقون فيها لسعادة الأبد، امتثالاً لأمر الله القائل: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، فبادروا إلى رسم أهدافهم المحددة والدقيقة والواضحة في هذه الحياة ليعيشوا مُنَعمِين في ظلالها, وليتركوا وراءهم أثراً لمن يأتي بعدهم, مستشعرين قول حين قال: إن لم تزد شيئاً على الحياة فأنت زائد عليها, ومستشعرين كذلك قول من قال:
وكن رجلاً من أتوا بعده  ×  يقولون مرّ وهذا الأثر
فعمدوا إلى أن تكون لهم بصماتهم في التطوير والتحديث والابتكار من خلال مواقعهم التي يعملون فيها, فملأوا عندها الفراغ عملاً, وأقاموا صروح المجد والمعالى على أنقاض العجز والتواني, وأناروا بسراج الأمل دياجير ظلمة المستحيل, حتى صار المستحيل عندهم ممكناً, والحلم عندهم حقيقة, اقتفوا خطي النبي صلي الله عليه وسلم وصحبه, كما اقتفاه وسار عليه العثماني محمد الفاتح فرسم على طريقتهم هدفه ووصل إليه وتحقق له وهو ابن اثنين وعشرين سنة على أكبر تقدير, وذلك بفتحه القسطنطينية الذي اقتضت إرادة الله أن يكون محمد الفاتح هو فاتحها والتي كان فتحها هدف الصحابة الفاتحين حرصا منهم على أن تتحقق فيهم نبوة النبي صلي الله عليه وسلم يوم قال: (لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش جيشها).
 وما كان لمحمد الفاتح أن يصل لهذا الهدف الذي صعُب على من سبقه ممن عاشوا في خير القرون من الصحابة, لولا أن الرجل دفعه والده إلى الإمام آمد شمس الدين ليتولي تربيته منذ الصغر فرباه على القرآن تلاوة وتدبراً وعملاً وحفظا, ثم غرس في نفسه هدف فتح القسطنطينية, ثم عزز هذا الهدف في نفسه بأن جعله يمارس الرؤية فكان ينطلق به على فرسه ليخوض به البحر حتى يري القسطنطينية وكان يقول له يا محمد هذه المدينة التي ستفتحها, فجعله يعيش لهذا الهدف الذي وظف له كل مؤهلاته وطاقاته وإمكانياته, فدرس إلى جانب القرآن والحديث والفقه الرياضيات والفلك والتأريخ, علوماً عسكرية نظرية وتطبيقية, فوظف بعض علومه هذه أثناء اقتحامه لأسوار القسطنطينية العالية وشاطئها الذي أُغلق بالسلاسل الحديدة, فقد أمر بتجهيز متزلقات من الخشب وأمر بصب الزيت عليها لتتزلق عليها قوارب جيشيه إلى داخل الشاطئ المغلق ليتم لهم بعدها دخول المدينة وفتح أبواب أسوارها أمام الجيش وفعلاً تم له ذلك وفُتحت له القسطنطينية لتصدق فيه نبوة النبي محمد صلي الله عليه وسلم وليلقب من يومها بالفاتح, وذلك يوم أن أبي إلا أن يُجبر التأريخ على أن لا يمضي حتى يسجل مآثره التي عَرّفت به, حتى أصبح معروفاً إلى اليوم عند القاصي والداني، فهل لنا ونحن نقف عند مشهد كمشهد محمد الفاتح الذي عاش في ظلال هدفه في الدنيا وسيأتي بإذن الله في ظلاله في الآخرة أن نستشعر أن قيمة المرء تكمن فيما يحمل من همّ, وما يعلم من علم, وما يجيد من فن, وما ينجز من عمل, لنبرمج تبعاً لهذا الشعور حياتنا وفقاً لأهدافنا التي يجب أن نرسمها وفقا لرغباتنا, وما نستطيع أن نتعلمه ونتقنه ونُجِيده, وما نَجد أمامنا من فرص يمكن أن نغتنمها, لنتحرر عند رسم أهدافنا من العجز والكسل والتبعية وضيق الرزق, ولنكن قدر الله في أرضه ليجري بنا سنة التغيير التي لا تتخلف عمن حقق شروطها (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).. نسأل الله أن يأخذ بأيدينا إلى ما فيه صلاحنا في الدنيا والآخرة إنه على ما يشاء قدير.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد