× يلاحظ في بلادنا السعيدة شيوع ثقافة تهميش الآخر أياً كان هذا الآخر أختي، أخي، زوجة أبي أو زميلي في العمل أو زميلتي، أو رفيقي في الحزب أو المنظمة أو...الخ.. هذا على صعيد فردي أما على صعيد مجتمعي فهناك تهميش لفئت كثيرة وفق معتقدات بالية لا أساس لها من الصحة أو القانون. كأن تهمش منطقة بلا سبب أو محافظة أو فئة ما وهذا الموضوع لا بد أن يثار تحت تساؤلات لماذا وعلى ماذا يستند التهميش في بلادنا؟ وإلى متى ؟ وما هي الثقافة البديلة التي ينبغي أن تحل محل ثقافة التهميش وكيف؟.
× تهميش المرأة من قبل فئة جاهلة أو بلا وعي كامل بحقوق المرأة أمر محتمل بحكم عدم المعرفة، لكن أن يتم تهميش المرأة وبوعي كام من قبل صفوة المجتمع السياسي "الأحزاب ومنظمات المجتمع" فهذه قضية لا بد أن تناقش وبهدوء.. لمست ذلك وأنا أقرأ قرار رئيس الجمهورية رقم (30) لسنة 2012 بشأن اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني.. اللجنة قوامها "25" شخصية عدد النساء "6" فقط، أي أقل من النصف، أقل من الثلث!! في الوقت الذي ينادي المجتمع الدولي بحقوق النساء وتساويهن في العملية السياسية، يتفق هؤلاء السياسيون على نزع ثقتهم عن المرأة وأبوا إلا أن يكون ممثلوهم من الذكور. فقط.. لا أنادي بأن تختار كل الأحزاب وتنظيمات الشباب والمرأة والمجتمع المدني، تختار نساء لكن كان يفترض مراعاة التناسب فيما بينهم.. مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر قالها لكم لقد اختلفتم في كل شيء واتفقتم في تهميش المرأة!! الرسالة كانت واضحة، يعني عدد النساء في العملية برمتها غير كاف.
× لا أدري لما ذا يتحاشى السياسيون التعامل مع المرأة المتعلمة ويفضلون النساء الأميات وبالذات أصواتهن الانتخابية؟ البعض ينطلق من أن المرأة عورة وناقصة فكيف يولوا أمرهم لامرأة؟، وبعض آخر يرى أنه أفضل من المرأة ألف مرة من كل النواحي، فكيف تمثله ولا يمثلها؟.. في النهاية ثقافة سائدة، مهما ادعى المتعلمون المثقفون مساندتهم للمرأة، إلا أنهم يحملون تجاهها رأياً مغايراً و"وقت الصدق أنا رجل والرجال قوامون على النساء".
× هذه اللجنة والحمدلله صدر بها قرار وماضية في عملها، لكن خذوا بالمادة "1" من قرار تشكيل اللجنة الفنية الذي يقول "يجب تمثيل النساء بالكامل في كل وفود المجموعات المشاركة، كما يتعين توفير التمثيل الكافي لكل المناطق" أي لا بد من حث المنظمات السياسية على إشتراك المرأة في إنجاح الحوار الوطني وإعطاء المرأة بعضاً من حقوقها الضائعة، ولا ننسى أنها في الساحات كانت حاضرة وقدمت الشهيدات والمناضلات وغيرهم.. أملنا أن المرأة في بلادنا تنصف وتصل العدالة السياسية إليها.
فالمرأة حمامة سلام وأكثر مرونة وعقلانية من كثير من المتطرفين سياسياً.
× نبارك صدور قرار اللجنة الفنية ونأمل أن تعمل في جو من التسامح والمرونة والموضوعية التي تبتعد عن الذاتية المقيتة.. رغم احتجاج عدد من الأحزاب والهيئات التي لم تمثل وأرى أن يتم تدارك ذلك في الوفود أو اللجان التي ستشكل.
محاسن الحواتي
ثقافة التهميش 2076