على إثر إخراجها من قاعة الامتحان وحرمانها من امتحان المادة لانها كتبت على يديها عبارات غش، وقعت سمية مغشياً عليها وهي تردد (إذا حرموني من الامتحان سأجلس في البيت ولن أعود للدراسة،وأنفجرت باكية وهي ترتجف، لكن لست أنا الخسرانة المجتمع هو من سيخسرني؟!
سألتها كيف المجتمع سيخسرك يا بنتي، بل أنتي الخسرانة لأنك سوف تخسري دراستك،أجابت بقوة وجسدها ينتفض قهراً بل المجتمع هو الخسران لأنني كنت أتمنى أن أتخرج من قسم علم الاجتماع وأعمل في أي مؤسسة أو منظمة لخدمة هذا المجتمع.
سمية طالبة ممتازة وذكية،ولكن لم يكلف أحد من الدكاترة ليسأل نفسه سؤالاً مهماً وهو لماذا يلجأ الطلاب للغش؟بل السؤال لماذا يلجأ الطالب الذكي للغش؟
كثير من الدكاترة يعتقدون بأن الطلاب مستهترون وغير جادين في طلب العلم، لذلك هم يستحقون العقاب، والحقيقة أنني في فترة من الفترات كنت أفكر بنفس العقلية وأعتقد أن الطلاب مستهترون، ولكني اكتشفت أني كنت على خطأ كبير، لذلك قررت أني في هذا الفصل لن يرسب لدي أحد من الطلاب،لأن مشكلة رسوب الطلاب ليس هو استهتارهم ولا غباءهم،لأن الإنسان في فطرته وطبيعته لا يخلق غبياً ولا مستهتراً،وبالتالي ينبغي النظر في العوامل والأسباب التي أدت إلى هذا الاستهتار.
وبدأت بحوارات مكثفة مع طلابي وناقشنا العديد من المشكلات،ورفعت معنوياتهم وأعدت لهم الثقة بأنفسهم واتفقنا على الكثير من الأشياء،واكتشفت كم هم رائعون ومبدعون، لكن طريقة أداءنا وفلسفة النظام السابق التعليمية وطريقة إدارته التي ندير بها العملية التعليمية هي من دمرت الطالب ودمرت الإنسان وقتلت روح الإبداع.
نعم لقد رحل علي صالح من السلطة،ولكن نظامه ما يزال معشعشاً في عقولنا جميعاً،إننا للأسف الشديد نهدر طاقات عديدة كانت يمكن أن تبني اليمن وتعيد مجده، فأي تنمية سنتحدث عنها في بلد أول ما يقتل هو الإنسان،لذا لا يمكن أن تكون هناك ثورة مكتملة من غير استعادة إنسانية الإنسان وكرامته،واستعادة حق سمية في أن لا يخسرها المجتمع وتعود للبيت دون أن تكمل دراستها.
*لسمية ولكل الطلاب الذين تهدر طاقاتهم في هذا البلد المكلوم
كل انتفاضاتكم واعتراضاتكم،وما يعتبروه استهتاركم هو لوحتكم الجميلة التي تسطرون بها معالم تعليم يكتشف طاقات الإنسان وإبداعاته، وينهض بالعقول لتحرير الإنسان من اسر كل القيود التي كبلت اكتشاف الإنسان الجوهر.
ألفت الدبعي
الطالب المهدور في جامعة تعز 2056