رغم التضحيات التي قدمها الشعب اليمني في الثورة والتغيير، إلا أن الثورة لم تكتمل أهدافها بعد.. مع الصعوبات التي تواجه التغيير والتحول السلمي يمكننا القول إن الثورة اليمنية كانت ثورة قوية، لأنها واجهت ما لم تواجهه بقية الثورات الربيعية العربية.. فقد أثبت القياديون السابقون في هذا البلد أنهم ديكتاتوريون ودمويون حتى النهاية.. لا يقبلون بفكرة تبادل السلطة، فكرة التداول السلمي للسلطة وتجديد الدماء والتغيير الذي هو من سنن الحياة والكون، كما أن الثورة واجهت تآمرات عليها، حاولت النيل منها ومن نبل أهدافها ومساعيها والمنضويين تحت لواء الثورة بإخلاص ووفاء، إذ انضم معظم الفاسدين في مؤسسات الدولة إلى الثورة، مطالبين بإزالة الفاسدين!! في مهزلة ما بعدها مهزلة، يظهر هؤلاء على وسائل الإعلام كأنهم قد تطهروا من فسادهم، أعرف بعضهم فارين من وجه العدالة وقد صدرت ضدهم أحكام قضائية، ومع ذلك يتحدثون باسم الثورة والثوار بكل وقاحة.. في اعتقادي أن هناك استعباطاً واضحاً من قبل هؤلاء وعدم احترام، وانضمامهم للثورة لا يعني سقوط تهم الفساد عنهم.. أطالب بتقديمهم للعدالة وكل من أفسد في المصالح والجهات يقدم إلى المحاكمة وأي تواطؤ في ذلك هو خذلان للثورة وشهدائها وجرحاها.
أجهزة الأمن وبعض المتنفذين أرسلوا بكمٍ من الناس لينضموا إلى الثورة السلمية وهم من المتورطين في أعمال التجسس والبلطجة ضد المعارضين والصحفيين والناشطين، هؤلاء المندسون أساءوا إلى الثورة كثيراً وقاموا بافتعال الفتن في الساحات وأثناء المسيرات، هؤلاء البلاطجة ما زالوا على علاقة بالساحات وهم أعلى الناس أصواتاً وكأنهم صادقون أو أصحاب حق.
بعض الأحزاب السياسية تعتقد أنها أشعلت الثورة بشبابها وبالتالي يحق لها أن تتسيد كل شيء، والثورة كما تعلمون تعني الثورة ضد كل نمط سيء وقديم من ضمنها نمط الاستئثار بالسلطة وإبعاد الآخر، بل والتقليل من مجهودات الآخرين وأدوارهم عموماً بفرض السيطرة أو الاستفادة المادية.
الثورة اليمنية نجحت ولكن لم تحقق معظم أهدافها، نجحت ولكن لم توف نذورها ولم تثلج صدور المواطنين بعد، فالفاسدون ما زالوا قابعين في مفاصل الدولة وفي كل جهة حكومية هناك من يعمل ضد الجهة نفسها وضد الحكومة وضد المواطن.. عملية التطهير لابد أن تشمل كل المصالح الحكومية وتخلصنا من الذيول الضارة التي ما زالت تعامل الناس على أساس حزبي، مناطقي، من الساحة أو من خارجها.
الثورة بحاجة إلى ثورة إدارية واسعة، إما من خلال العزل أو التقاعد أو تقديم ملفاتهم لهيئة مكافحة الفساد أو من خلال التدوير الوظيفي، نحتاج ثورة إدارية تنفض غبار ملفات المواطنين المؤجلة وقضاياهم المتعثرة.. ثورة إدارية تغير نمط الإدارة البائد وأسلوب إدارة الأمور في الجهات الحكومية القائم على الرشوة والروتين والتسيب.
قيم الثورة لابد أن تسود لإزالة القيم العفنة والسيئة، فثورة القيم تحقق ثورة العمل والإنتاج، الثورة الثانية لتصحيح مسار الثورة الأولى وكم نحن بحاجة ماسة لها.
× (إن الحياة التي تعاش بنزاهة هي نجم يضيء في درب أولئك الذين يتبعون في السنين التالية، حتى إن افتقرت لزخرف الشهرة والثورة).
دينيس ويتلي
محاسن الحواتي
الثورة تحتاج إلى ثورة.. 1926