عندما تقرأ عن جهود محو الأمية في العالم العربي تأسف على بلدك وعندما نعرف أن هناك دولاً في أقصى الشمال من الكرة الأرضية ليس لديها أمية كسويسرا والفايتكان تبكي ولا تجد منديلاً يسعفك.. لماذا نحن في أسفل السلم دائماً؟ لأننا أردنا أن نكون هناك ولا حد غريمنا! لو كنت وزيراً للتربية والتعليم لكرست الجهود لمسألة الأمية المؤرقة التي ما زالت فوق الـ60% وأكثر بين أوساط النساء.. بمعنى أطلب من ذوي الاختصاص وضع مشروع خلاق بأفكار ابتكارية، نوعية لم تخطر لأحد غيرهم من أجل إنهاء الأمية وتعليم الكبار من أجل تنمية الوطن..
لو كنت وزيرة التربية والتعليم لاستعنت بالجن قبل الإنس في سبيل تنفيذ هذا المشروع الفريد وليت تكون أحد مفرداته أن يقوم كل مواطن متعلم بتعليم أحد الأميين سواء تعليم فردي أو من خلال مراكز محو الأمية والتطوع فيها.. على أساس أن كل من يتطوع عاماً في مراكز محو الأمية يحصل على علاوة استثنائية وترقية وبناءً على مخرجات هذه المراكز سنوياً يحتفى بالطرفين الذين وفقهم الله في التحرر من الأمية والمتطوعين من المتعلمين، أما الذين هم بلا عمل فبعد التطوع يتم توظيفهم مباشرة ويطلب من القطاع الخاص المشاركة في هذا المشروع الخلاق من أجل العلم والتقدم – سيتجاوب الجميع لا شك.
بالنسبة للمتحررين من الأمية ينبغي أن تقدم لهم بعض المحفزات اللازمة كالدقيق والسمن وشيء من احتياجات الأسرة، مساندة للأسرة التي تلبي نداء الواجب (التحرر من الأمية من أجل الوطن) ويكون الإعلام حاضراً في كل خطوات هذا المشروع الكبير، والذي يعتبر المشروع التقدمي الذي سيلتف حوله الملايين، لأنه يجمع فئات المجتمع على قضية واحدة من أجل مستقبل الوطن الواعد بالخير، على أن يعطون المشروع حقه من الاهتمام المجتمعي والحكومي والتقدير العالي أيضاً..
إن مراكز محو الأمية مع وفرة المتطوعين سوف تزداد وتنتشر في المناطق النائية الجبلية، الصحراوية وغيرها وخلال فترة وجيزة يمكننا تحقيق نتائج لم تكن في الحسبان.. لا بد أن نصنع الأحداث ولا ننتظرها أن تحدث هذا ما قاله أحد الفلاسفة لا أدري من هو ولكني كوزيرة أرى أن هذا المشروع جيد وقابل للتنفيذ والقياس وسيجد كثيراً من الداعمين، لأن التعليم سوف ينقل بلادنا إلى مصاف الدول المتقدمة أو التي تنمو بسرعة.. ولأن التعلم يزيل الأوهام والمشاعر السلبية والظلام القابع في النفوس، ولأن التعليم نور يضيء الدروب التي تصل بنا إلى الحياة الكريمة وإلى الأحلام العظيمة والأعمال الأعظم.. سوف يتحمس المواطنون من الجنسين مع هذا المشروع الهام خاصة بعد معرفة المزايا والأهداف.
من التوقعات السلبية لهذا العمل التلاعب بشهادات التطوع التي بموجبها يحصل المتطوع على العلامة والترفيه، فهناك سماسرة في كل مكان وفاسدون في كل عمل، وصغار دون مستوى الوطنية واحتياجات الوطن، ولأني لست الوزيرة المعنية، يصعب علي إحالة هؤلاء الفاسدين إلى الجهات القضائية ولأن بقاء اليمن أمياً متخلفاً هدف لقوى الفساد ولبعض مراكز القوى ولبعض الأصدقاء والأشقاء.. لا سبيل لتطورنا إلا بالتعليم.. فهلا بدأنا..
محاسن الحواتي
تعليم الكبار من أجل الوطن.. 1779