كلما أفرد الأستاذ/ عبده الجندي مساحة إعلامية لشخص ما في مؤتمره الصحفي أعقبه مصاب جلل يحل بالشخص المذكور، الأمر الذي يعزز مساحة الاشتباه بدور الجندي، فهو إما يتكلم بلسان القدرة وهذا مستبعد تماماً عليه، وإما أنه يشي بفبركات معلميه المتوارين خلف الكواليس، وهذا الاحتمال غير وارد هو الآخر، لأن الرجل لا يمكن أن يجلب على نفسه الأخطار من قبل جوقة الحكم السابقة وهو أكثرنا إدراكاً ببطشهم وأقربنا إليهم وهو أولاً وأخيراً أهوننا جميعاً عليهم .
والاحتمال المرجح أن كلام الجندي عن شخص معين وباهتمام معين يأتي في سياق إستراتيجية أمنية تحاك للشخص المقصود بحديث الجندي.
هذا ما استيقنته تماماً من حديث الجندي عن رجل الأعمال فتحي توفيق عبدالرحيم مطهر نهاية الأسبوع الماضي، وما أعقبه من اعتداءات بربرية على ممتلكات توفيق مطهر في محطته البترولية الكائنة في منطقة الجندية جوار مطار تعز.
من خلال حديث الجندي المذاع في الثلاثين من مايو المنصرم لاحظت على المتحدث أنه أفرد مساحة اهتمام لرجل الأعمال آنف الذكر وهذا الأمر له ما بعده، كما أن الجندي حاول خلط الأوراق للتمويه كما هو معتاد عليه في سيناريوهات المؤتمرات الصحفية.
فالرجل أظهر ما يشبه الحقد الشخصي على فتحي توفيق وأبيه بقوله"إنه قال عليا أني كذا وكذا"، ثم انتقل الجندي إلى التحريض على فتحي وأبيه بقوله: "إن فتحي شتم أبناء الجندية جميعهم وليس عبده الجندي وحده"، ثم استطرد قائلاً: "إن ممتلكات توفيق ممكن أن تنتهي بإشعال عود كبريت"، وهنا تكمن أهمية الإنذار إذا لم يكن تحريضاً مباشراً، فهو إنذار بما سيقع .
ثم استدرك الجندي قائلاً: "إن فتحي تشجع بمصاهرته مع أبناء الشيخ الأحمر" وهنا بيت القصيد في الموضوع الأساسي.
وكأن الجندي هنا يريد أن يقول إن الاعتداء الذي ستتعرض له محطة توفيق تالياً، يأتي في سياق تصفية الحسابات الراهنة بين أجنحة الحكم السابق وأن توفيق عبد الرحيم وابنه مستهدفون مرتين، الأولى لأنهم من تعز والثانية لأنهم صاهروا مشائخ حاشد -أبرز قبائل شمال الشمال المناصرة بالقول والفعل لثورة أبناء اليمن ضد نظام صالح العنصري.
ولم ينس عبده الجندي أن يوهم العامة بأن الاعتداء على استثمارات توفيق عبدالرحيم سيتم بمبرر الخصومة الشخصية مع أبناء الجندية لحساب المتحدث، مع أننا نعرف جميعاً أن عبده الجندي ليس سيداً في قومه، لا هو مطاع بين أشرافهم ولا هو مهاب بين بسطائهم، لكن الدلالة في الموضوع أن مؤتمر الجندي عن فتحي توفيق كان بتاريخ 30 مايو والاعتداء على محطة توفيق كان صبيحة 5 يونيو، أي أن الحدث أعقب كلام الناطق الرسمي عن صالح وأبنائه بخمسة أيام.
وأياً كانت تفاصيل الحادث أو مبرراته، فإننا لا نستطيع الفصل بينه وبين كلام الجندي إلا إذا كنا مغفلين إلى أبعد حد، خصوصاً وأن الاعتداء على محطة توفيق تم بقذائف البوازيك والآر بي جي، كما سمعنا وهذا ما لم نعهده على أبناء الجندية المسالمين، كما أن حادثة الاعتداء على محطة توفيق عبدالرحيم سبقتها حادثة احتجاز قاطرات توفيق ومنعها من التعبئة من محافظة مأرب، وهذا ما يعزز ترابط الأحداث الانتقامية من مستثمر تعزي قد لا نتفق معه كثيراً، لكننا ملزمون بإعلان تضامننا معه فيما يتعرض له من هجمة وحشية والتي من أهم أهدافها التأديبية إرباك قيادة محافظة تعز الجديدة وثنيها عن عزمها في تحقيق استقرار أمني بشكل استثنائي لمحافظة تعز في هذه المرحلة بالذات.
والاهم من هذا كله أننا أمام حالة في غاية الخطورة وهي أن يتحول الناطق الرسمي باسم المؤتمر إلى محرض على القتل والاغتيالات والاعتداء على ممتلكات المستثمرين ورجال الأعمال في هذه المرحلة الحرجة وكأن الجندي أصبح متحدثاً باسم عصابة إرهابية .
وليست هذه هي المرة الأولى، فقد سبق وأن حرض الرجل على آخرين، فالمرة الوحيدة التي أطرى فيها الجندي على اللواء الركن/ علي محسن تعرض الأخير على إثرها لمحاولة اغتيال فاشلة، والمحطة الثانية كانت محطة توفيق وأمواله.. فما هي محطة الجندي الثالثة يا ترى؟!.
Alsfwany29@yahoo.com