ماذا جرى لأسرة صالح وهي تعامل شعباً بطريقة مخيفة، أما هي الحاكمة أو الجحيم؟.. وأي خيار وجودي تريده لتجعل من مصالحها وعلوها في الأرض مقابل تحرير شعب ووطن من معاناة جاهزة له، إذاً ما بقي يناضل من أجل الانعتاق؟ وما هذا الذي لا يكف عن تصدير الوجع والآلام والجوع وما لا يخطر على بال، لوطن وشعب أطعمهم من جوع قلبه، ومنحهم السيادة والرئاسة دهراً، وساموه سوء العذاب وبمنّ وأذى عليه، ليس لشيء سوى أن القدر ساق هذه الأسرة إلى مستوى العلو في الأرض، وإلى التمتع أما بكل خيرات البلاد، أو التعب اليومي المتلاحق، كأن هذه الأسرة لا تفكر إلا من خلال شعار وحيد (أنا ومن بعدي الطوفان).. هذا المحدد الرابض نراه فينا صبحاً ومساءً، في الفوضى، في التقطع، في الظلام الدامس، في السجون والإعتقلات، في البحث عن عرقلة المسيرة الثورية.. هذه الأسرة فعلاً خط سيرها معاكس لإرادة شعب، منحها الوطن ما لا يخطر على بال أحد من المال والسلاح والسلطة، ومن التعالي والغرور حد الذهول، ومنحته التعسف والقهر والتخلف بامتياز، ولم يقر لها قرار في خلق المزيد من المعاناة، وما زالت تشتغل على الوجع في الصحو والنوم.. أرهقوا وطناً وما تعبوا وشاخوا، ونالوا من حياتنا، من أحلامنا، من أمانينا الجميلة، وتطلعاتنا البشرية، جعلونا نقع في الخوف منهم علينا، ومن المطاردة للحياة فينا، ومن إيذاء وطن بكل الشرور والآثام، لمجرد انزياح من كرسي، ولأن الشعب عرف طريقه، ولم يحفلوا لا بتاريخ ولا بضمير ديني أو وطني، ولا بمستقبل أمة، كأنهم خلقوا من نكد للوطن، ومآسي لا تعد.. وإذاً ما تبقى منهم في حياة وطن، سوى القهر والفجيعة التي تترصد البلاد والعباد اليوم وغداً وبعده، من يريد للحلم أن يكون، وللزهرة أن تتفتح، وللجدول أن يسقي القلوب العطاش، وللربيع أن يورق فرحاً.. قدمت لهم ضمانات دولية داخلية وخارجية ومغانم كثيرة وأشياء تملكوها على حساب الفقراء في بلادنا وربحوا أكثر مما ربحوا، ومازالوا يريدون الوطن وكل من فيه رهائن لهم، لم يدركوا النعمة التي هم عليها، لذلك يمارسون التسلط رغبة في التسلط، ويدعون الوطنية وأي وطنية وهم ببعد المشرقين منها، يشتغلون عليها نحساً، فيما الملايين من أبناء الوطن يدعون الله أن يكشف عنهم هذه الغمة وأن يفرج كربة شعب من سطوة أسرة لا ترتضي بغير إذلال وطن، ومقارعة حرية، ومظالم كثيرة لتتسيد.. والمؤلم المفجع القاهر، إن هذه الأسرة تظن بنفسها الظنون، كأنها في مستوى الربوبية.. تعالى الله من كبرها وغطرستها وغرورها على نفسها، وربحيتها التي لا تقف عند حد، والتي تريد استملاكنا في حياتنا، وتريد وطناً جاهزاً لها لتعتليه تجبراً، وهو لا يريد سوى المضي إلى حيث الحرية ،والرغبة في السير نحو الفجر، والصلاة والدعاء.. يريد أن يكون آمناً مطمئناً، يعيش السهل وينتصر للحب.. هكذا يريد الوطن من أقصاه إلى أقصاه، فيما الأسرة تريده طريداً شريداً فقيراً، من معاناة ومن وأذى عليه، كأن هذه الأسرة لا تفقه معنى الحرية للبلاد ولا تعير معنى الذي حازت عليه من ضمانات كبيرة، على حساب شهداء وقهر وفساد 33عاماً.. ولا تعرف أنها في كل ما حصلت عليه كان يبدو مستحيلاً بالمقارنة لما هو في (ليبيا ومصر وتونس) والآن في سوريا، وكلما كان الحظ حليفها والسلامة طريقها، تمادت في غيها وذهبت إلى أبعد من ذلك، وتحدت الحياة، ومارست بغرور كل ما استطاعت من أذية.. فاخترعت الحوثية، فالحراك، فالقاعدة، في تتابع متقن، هذه هي تركتها المرهقة، قدمتها للوطن وما تزال، وموروث معاناة إلى جانب النهب إلى حيث وصلت إليه اليد.. هكذا أسرة بحالها تجعل الوطن رهينة وغنيمة، وتؤذي الجوعى والفقراء، وتنزل في حقهم العقاب الجماعي، وتريد الثورة الشبابية السلمية مهزومة، غير مستقرة.. تريدها فشلاً، تريدها أكذوبة لتنتصر لطموحاتها الذاتية وعنادها وما يأتيها من نوازع لتصدير الباطل على البسطاء من أبناء هذا الشعب، إنها في كل أحوالها مصممة على الأذى والبحث عن الهم كهواية لا تقدر على تجاوزها إلى مناطق الخير، مستغلة التسامح بشكل مستفز.. هكذا هي تسير في فلك آخر ليس من الوطن في شيء، تقبل بكل ما يوقع في الوطن العداوة والبغضاء وتقتات منها وتوسع من دائرتها.. عقوق للوطن لا يحد ولا يمل، فيما الملايين تدعو الله ليل نهار أن يقيل عثرتها من شر أسرة تمادت بقوة، وأخذت ترهق الشعب وتسرف في عرقلة المستقبل، وتتحدى في الأذية وتسخر عتاداً وقوة في اتجاه من لا يرجو من الله العفو والعافية.. هذه الجماهير التي ترفع الأكف تضرعاً لأن يجنبها الله الفتن والمحن، تدرك أيضاً اليوم أنها أمام قوة غاشمة تعيش جغرافيا الدمار، وطقوس القهر، وتحتفي بالعذاب يعم الوطن، وتتعامل مع شرذمة قليلون ضد الوحدة، والقيم ومع التشرذم، وثقافة العنف، والانقسام، وتوغل في الجراح، تتمادى، تزف دوماً الخبر المحزن، وتأتي به من اختراع كبيرهم الذي علمهم السحر.. أسرة تبعثر الواحد، وتجزيء الموحد وتتقاسم الخيرات، وللوطن المعاناة والتعب وليل كالح، يربض فيه من لا يريد للنور أن يكون، ومن لا يعرف أن للطريق مسالكها الصحيحة.. وإذاً تبقى الثورة الشبابية هي الأجدر بفهم المتعالي المتغطرس، والأقدر على خوض غمار البناء، وهي من يقدر أيضاً على دحر التآمر، وإلحاق الهزيمة به، فدماء الشهداء تنادي، والجرحى يستيقظون عند الفجر ويحتفون بالنور يبزغ من سنا إصرار على دحر النكد ورفضه بكل ما فيه من مقومات مؤامرة.. ووحدها الثورة ترفض المؤامرة والفكرة الجهنمية وتنتصر للوطن والحرية والحب.
المحرر السياسي
إما الحكم أو الجحيم 6800