;
نجيب أحمد المظفر
نجيب أحمد المظفر

الانفلات الأمني.. 2307

2012-05-22 15:53:28


مسلسلات القتل والنهب والاختطاف والتخريب تبدو شبه يومية في بعض محافظات الجمهورية ولعل أكثر وأخطر هذه الأحداث تلك التي تقع على مرأى ومسمع الأجهزة الأمنية, هذا إن لم تُستهدف تلك الأجهزة الأمنية من قبل عناصر القتل والإجرام, إن الانفلات الأمني الذي تعيشه الكثير من المحافظات يستدعي من الجميع الاضطلاع بدورهم في الإسهام في بسط هيبة الدولة وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في ربوع الوطن ولن يتأتى هذا إلا من خلال النظر في أسباب هذا الفلتان والتي يبدو بعضها واضحاً للعيان ومن وجهة نظري أرى أن أهم الأسباب لهذا الفلتان يتمثل في التسليح العشوائي لعصابات القتل والإجرام والتي كان وما يزال النظام السابق يركز ويعول عليها كثيراً لأن تقوم بممارسة القتل والنهب والاختطاف والتخريب في مختلف المحافظات, وهذه الممارسات هي التي لطالما كان النظام السابق يراهن على أن البلاد ستؤول إليها إن غادر مربع السلطة والحكم, وهذا في الحقيقة ما رأيناه وشاهدنا عواقبه الكارثية والتي كان آخرها ما حصل في أبين.
كما أن من أسباب هذا الفلتان المشهود البناء الغير وطني الذي على أساسه بني جزء كبير من المؤسستين الأمنية والعسكرية والتي شهدنا في السنوات الأخيرة تجنيداً لشباب لا يراعى عند تجنيدهم النظر في تدينهم وأخلاقهم ومدي ولائهم للوطن الذي وجدناه مفقوداً عند بعض هؤلاء بسبب الوضع المعيشي السيئ والذي على إثره أصبح دافع الالتحاق بالأجهزة الدفاعية والأمنية عند شريحة لا يستهان بها في المجتمع دافعاً مادياً وليس دافعاً رسالياً ووطنياً, هنا وعلى إثر غياب المعايير الوطنية والأخلاقية التي كان ينبغي أن تُراعي عند أي دعوات للتجنيد رأينا ـ وأنا مسؤول عما أقول ـ تجنيداً لشباب لا أبالغ إن قلت أن بعضهم كان يعمل مع عصابات للسرقة والممارسات اللاأخلاقية الممنهجة والغير ممنهجة، أشهد على هذا من خلال عملي ومن واقع معايشتي لأمثال هذه النماذج التي يُعول عليها أن تحرس البلاد وتوفر الأمن للوطن والمواطن.
كذلك من الأسباب الوضع الاقتصادي السيئ الذي آل إليه الوضع في البلاد والذي تسبب في تدني المستوي المعيشي لدى شريحة كبيرة في المجتمع والذي على إثره أصبحت كثير من الأسر تعيش تحت خط الفقر وهو ما وفر بيئة خصبة لتوسع عصابات القتل والنهب والإجرام نشاطاتها في استقطاب الشباب ليتخذوا من الإجرام مهنة يتكسبون من خلالها, وينتقمون من المجتمع الذي ربما أصم أذنيه وأمسك يديه وأعمى عينيه عن النظر في حاجاتهم واحتياجاتهم.
 إضافة إلى ذلك تأتي ثقافة الكراهية والحقد التي لطالما امتلات بها خطابات رئيس النظام السابق وتحلى بها الإعلام الرسمي يومها, كسبب من أسباب هذا الانفلات, كونها عملت على تعبئة المجتمع ضد بعضه وهو ما تجسد فعلاً في مشاهد القتل والتعذيب والنهب التي رأيناها طوال فترة الثورة ونراها اليوم بارزة في ظل انشغال الجميع بالترتيبات للحوار الوطني، كما يعد تقاعس أجهز الإعلام المختلفة وضعف استشعار المسؤولية ممن يقومون على صناعة الرأي العام عن القيام بدورهم في إحداث تحول في الخطاب الإعلامي والتوعوي وتخصيص المساحة الكافية له في مختلف المنابر الإعلامية والتوجيهية، لتتجه الرسالة الإعلامية والتوعوية نحو صياغة وعي مجمعتي يسهم في أن ننتقل باليمن من مرحلة الصحوة المشهودة بالثورة إلى مرحلة النهضة المتمثلة في البناء والتنمية وإقامة دعائمها من أهم أسباب هذا الفلتان.
هذه بعض الأسباب التي أستحضرها وأراها من وجهة نظري, أما بالنسبة للتداعيات المستقبلية للفلتان الأمني فنري أنه سيقف بلا شك عائقاً أمام فرص فرض هيبة الدولة, إضافة إلى أثاره السلبية التي ستلقي بظلالها على فرص تطوير الاقتصاد الوطني من خلال إيجاد بيئة استثمارية أمنة, كما أن تفاقم الفلتان الأمني وعدم التوصل إلى معالجات سريعة تحد من تفاقمه يبقى مهدداً رئيسياً لوحدة النسيج الاجتماعي وللوحدة الوطنية بشكل عام, فضلاً عما نؤمل أن نصل إليه في بناء دولة مؤسسات دولة النظام والقانون. مع العلم أن هناك تداعيات أخري لكني هنا اقتصرت على أهمها.
أما بالنسبة لفرص الحلول التي أراها من وجهة نظري فأرى أن أول حل يكمن في التشديد على ضرورة قيام الأجهزة الأمنية بدورها في توفير الأمن وملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة ليحاكموا محاكمات مستعجلة وعلنية تنزل بهم أقصى العقوبات المنصوص قانونياً، ليكونوا عبرة لغيرهم ولنمنع الجريمة قبل وقوعها. هذا إلى جانب إعمال قانون حمل السلاح والبدء بنزع السلاح الذي سلحت به المجاميع المسلحة من مخازن الجيش, مع ضرورة محاسبة ومعاقبة من يخلون بواجباتهم الأمنية والقضائية وفقاً للقانون.
 أما الحل الثاني فيتمثل في الإسراع في إعادة الهيكلة للمؤسستين العسكرية والأمنية على أسس وطنية تكفل قيامها بواجباتها الدستورية، مع إعادة النظر في هيكلة الأجهزة التي تقوم على توعية وترسيخ القيم الوطنية لدى منتسبي هاتين المؤسستين.
ومن الحلول المرجوة كذلك القيام بخطوات فعلية وجادة، شأنها أن تسهم في تحسين الوضع المعيشي للمواطن وتسهم في التخفيف من معاناته المعيشية وهنا لا بد من إعادة النظر في أسعار المشتقات النفطية وتفعيل الرقابة على أسعار السلع الأساسية وغيرها والبدء بمحاسبة من يتاجرون بأقوات المواطنين مستغلين ماتمر به البلاد من أوضاع.
أخيراً من الفرص المتوفرة للحل وهو الأهم من وجهة نظري ويجب أن تضطلع به وزارات الإعلام والأوقاف والتربية والتعليم والمؤسسات التربوية والتوعوية، تنظيم فعاليات وتوجيه الخطاب المسجدي مع القيام بأنشطة وحملات توعوية وإرشادية وإنتاج برامج توعوية وتخصيص مساحات واسعة في وسائل الإعلام الرسمي وغير الرسمي للقيام بتوعية المجتمع توعية تنقله من طور الصراع والحقد والكراهية إلى أطوار التسامح والحب والتكافل والبناء والتنمية, تحت مظلة المواطنة الصالحة وتحت شعار اليمن ملكنا جميعاً وبناؤه مسؤوليتنا جميعاً. وهو التحول المنشود الذي ينقلنا من طور الثورة إلى طور الدولة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد