أستغرب لعبارة (مافيش دولة) أو (ما فيش حكومة) التي يتم تداولها لفرض حالة من الفوضى في كل مكان في هذا البلد.. وكأن الحكومة بكل مؤسساتها لا تعني شيئاً! هناك من يتعمد إشاعة هذا الكلام المضلل وبعض آخر يقولها في حالة اليأس من معاملة في جهة ما أو من روتين قاتل أو تعسف أو.. الخ من أمراض الإدارة والإداريين في كل المستويات، لكن مازالت الدولة تفرض قوتها وهيبتها القانونية وما زالت الحكومة في سباق مع الزمن لإنجاز ما يمكن انجازه خلال فترة وجيزة..
حالة الفوضى التي تشير إلى نفسها تكمن في بث الخوف والرعب وتارة إحداث أو ارتكاب الجرائم المتعددة والمختلفة أو إزعاج المواطنين وإرباكهم بشتى الوسائل.. هذه الحالة التي لن تدوم طويلاً تكاد تكون حالة عرضية وهنا لا بد أن نلفت نظر وزارة الداخلية إلى موضوع أعتبره هاماً، ألا وهو المعاكسات البذيئة والسلوكيات المؤذية التي تتعرض لها الفتيات في الشوارع العامة دون اعتراض من أحد، فالرجال في الشوارع لم يعودوا رجالاً من حيث الشهامة والمروءة ورفض الباطل! إذ كيف يرى الرجل السلوك السيء ويسكت عنه؟ كيف يرى ما يتعارض والقيم ويغض بصره حتى لا يدخل في مشاكل مع الآخرين؟ أو لأنه مستعجل ذاهب لمشوار مهم.. أو لا يعنيه الأمر لأن الفتاة ليست من أهله وآخر يرم؟ باللائمة على المرأة لأنها تستاهل.. لماذا خرجت من بيتها؟..
حالة من الفوضى الأخلاقية والسلوكيات السيئة يقوم بها بعض الشباب مقابل صمت مجتمعي قاتل.. عدد من الفتيات أثرن الموضوع وطلبن أن أتناوله، مطالبات بوجود بوليس آداب في الأماكن العامة وفي الأسواق وعند المدارس والكليات.. الإشكالية الآن هي فكرة (مافيش حكومة) لذلك يفعل المرء ما يشاء.. وهذه قمة اللاأخلاق.. فهل بالضرورة يكون هناك رادع يومي ومادي حتى نكون على قيم فاضلة وسلوك مقبول؟.
إن الظروف والمتغيرات فرضت على المرأة في بلادنا الخروج إلى العمل، لترتاد كل المجالات، كما تستدعي الوظيفة الحصول على شهادة علمية أو مهارات وهذا يعني الخروج لطلب العلم أو العمل.. وما خرجت المرأة إلا وهي مضطرة لذلك وفي إطار العادات والتقاليد والقيم والدين.. وفي رحلة عناء يومية لا يعلم بها إلا الله تواجه المرأة أياً كان عمرها، مظهرها، عملها - تواجه كل يوم الكلام الجارح والبذيء والسلوك المشين من أناس بلغ بهم المرض النفسي مبلغاً لا يطاق، أناس يتلذذون بإيذاء الآخر.. والغريب أنهم بلا حياء، لأنهم يصدرون هذا الغثاء أمام المارة والباعة وغيرهم، بلا دين، لأنهم يتجرأون ويحاولون الإيذاء الجسدي والاقتراب من المرأة وهم يضحكون.. البعض بسياراتهم يرمون بقرفهم اليومي على النساء المارات وكأنه سلوك عادي!! عدد من النساء يحاولن رد الصاع بصاعين، لكن محاولاتهن قلما تنجح، لأن الجبناء يهربون بسرعة البرق، أشباه الرجال لا يستحون في "مصابحة" النساء وتبادل الشتائم.. إن بوليس الآداب أو شرطة الآداب لو تنتشر كشرطة المرور لتحقق الأمن النفسي في المجتمع ولأن شرطة الآداب ضرورة لا بد منها.. لذا نناشد وزير الداخلية بسرعة إيجاد هذه الشرطة لتقوم بدورها، فقد زادت الشكوى وقد يكون لها تأثير سلبي كبير إذا تركت الأفق هكذا..
أقسام الشرطة عليها أن تقوم بدورها إذا ما تلقت شكوى مؤاذاة من فتاة أو امرأة وأقترح أن يخصص رقم هاتف لتلقي الشكوى حتى يتمكن بوليس الآداب من مساعدة المرأة أو الفتاة وهي مرحلة نؤسس فيها ومن خلالها سلوكيات إيجابية ونمنع السلوكيات السيئة ونضمن الأمن النفسي للمرأة التي تسعى لتأكل من عرق جبينها وبشرفها، علماً بأن هناك أسراً كثيرة تعولها امرأة ولا تستحق المرأة في بلادنا إلا كل الاحترام والتقدير.. وما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم..
محاسن الحواتي
شرطة الآداب ضرورة..!! 1926