;
محاسن الحواتي
محاسن الحواتي

سماتنا المتخلفة .. 2099

2012-05-02 03:37:20


أولاً لا بد أن نعترف بأننا مجتمع مختلف استناداً إلى منظومة السلوك التي تؤكد ذلك ولا زعل في هذا، لأننا لو كنا نزعل فعلاً لما مكثنا في تخلفنا كل هذا الوقت ومازلنا وإلى أن يشاء الله.. فمن علامات التخلف التي لا يشترك فيها أحد معنا هي جلسات القات التي تأخذ ما بين 4-6 ساعات يومياً، هذه الساعات المهدرة في اللاشيء أدت إلى تأخر اليمن عقوداً وجرته للوراء..
سنوات وسنوات! التعليم لم يغير فينا شيئاً، بل كلما زاد عدد المتعلمين زاد عدد المخزنين الذي يؤلفون الدراسات والكتب في جلساتهم الخاصة مع القات، هناك علاقة طردية بين التعليم والقات، أي كلما زادت مخرجات التعليم زاد عدد متعاطيي القات وهذه ظاهرة غريبة وتعتبر من مظاهر التخلف في بلادنا والتي لم يلتفت إليها بعد.
المدرس لا يصحح كم الدفاتر إلا بتخزينة قات، المدير لا يُعد تقرير المدرسة، إلا وهو متكئ ومخزن، التلاميذ لا يستذكرون دروسهم إلا وهم يمضغون بعض وريقات القات، اللجان لا تصحح أوراق الامتحانات إلا بقات، الوزير يناقش أوضاع وزارته ووضع التعليم في جلسة قات و..الخ، أي كل العملية التربوية لها ربطة قات خاصة.. أما في الجامعات فحدث ولا حرج.. كل طلاب الجامعة مخزنون إلا ما رحم ربي، أساتذة الجامعة كذلك إلا فيما ندر.. هذه الاشكالية ذات الخصوصية اليمنية لا بد من الوقوف عندها بحزم إذا أردنا بناء دولة مدنية حديثة وإذا أردنا أن نتقدم فعلاً ونعيش كبقية البشر، علينا أن نحل إشكالية القات ولو تدريجياً، لأنها ظاهرة غير حضارية والكل يعرف مضارها ودورها الأساس في تأخر اليمن وما ربطها هنا بالتعليم إلا لأن التعليم هو طريق التغيير، فكيف يتسنى لنا أن نتغير والتعليم يؤمن بالقات وضرورته في العملية التعليمية؟.
د. يحيى الجمل في مقالة له قديمة عام 1994م بمجلة العربي يورد بعض السمات التي يرى أنها تخص أمارات التخلف وهو يتحدث في سياق التقدم والتخلف بمعناهما الاجتماعي وليس الاقتصادي أو السياسي وقد وجدتها فرصة للبدء بالقات، لأنه ذو خصوصية وربطة بالتعليم لأن التعليم يغير كل ما هو سلبي إلا في بلادنا يعزز السلبي ويؤمن عليه والدليل القات.
 يقول د.الجمل: التعصب سمة من سمات المتخلفين، تعصب للقبيلة، للمنطقة، للحزب، لشخص و...الخ والتعصب يعني ضيق الأفق ومحدودية الرؤية، كأن لا تعترف بالتعدد والتنوع وحق الاختلاف وترفض تميز الآخرين وتفوقهم، يقود التعصب لإعدام الآخر أو نفيه.. والتعصب يعني الجهل بالحقائق الإنسانية وهذا ما يحدث في بلادنا من خلال كل أنواع التعصب وأبرزها التعصب القبلي الذي ولد الكثير من الثأرات، صادر حق الآخرين وبخس ما لديهم، وقد لعب الحاكم على هذه السمة وظل يعززها بعدم نشر الوعي وتأخر التعليم، فظل الناس مرهونين للقبيلة في الحق والباطل ومحاربين أشداء بدافع التعصب بعيداً عن العقلانية والتروي..
كذلك يورد د.الجمل من سمات التخلف أن الناس المتخلفين يكرهون القانون ولا يلتزمون به وأبسط مثال على ذلك إشارة المرور التي تمثل القانون لا ينصاع المتخلف للقانون، لأنه يكره القانون الذي ينظم الحياة، قياساً على ذلك فنحن نسبح في التخلف لأن غياب شرطي المرور يعني انسداد الشوارع وتكدم السيارات عند الإشارة وحدوث حالة من الفوضى التي يستحي المرء أن يراها في بلاده من أناس معظمهم يرتدي الكرفتة والبنطلون.. أي تخلف هذا الذي يؤكد نفسه كل يوم؟.
ومن سمات التخلف التهرب الضريبي.. البعض للأسف يتهرب من دفع الزكاة.. إذا لم يكن هناك تهرباً ضريبياً لبلغت إيرادات مصلحة الضرائب المليارات ولكانت رافداً لخزينة الدولة الفارغة.. وحسب د.الجمل من السمات التي يعشقها المتخلفون عدم احترام الوقت، الدوام في العاشرة والذهاب إلى سوق القات في الحادية عشرة والصلاة في الثانية عشرة والانصراف في الواحدة والغداء في الثانية بعد الظهر وفي الثالثة عصراً تبدأ جلسة القات إلى أن يشاء الله!!.
عدم احترام الوقت يعني ضياع الكثير، ضياع البلاد، ضياع أفكار قيمة ورؤى جيدة، يعني أننا لا ننصاع لديننا، فالمرء محاسب ومسؤول عن عمره فيما أفناه.. اتقان الأعمال يوفر الوقت والتعامل بنزاهة كذلك يوفر الوقت.
دعوني أورد ملاحظةً قد لا تكون لها علاقة مباشرة بالموضوع لكنها تدل على شيء هام، في لقاء الرئيس عبدربه منصور هادي الأسبوع الماضي بسفراء الدول الأوروبية لاحظت أن كل السفراء كانوا يكتبون في مفكرات صغيرة، أهم النقاط التي قيلت وفي المقابل "حقنا" المسؤولين لا أحد يكتب كلمة ويأتون كالعادة بلا قلم ولا ورقة، كأنهم مذاكرون الدرس!! هنا الاختلاف والفرق بين التخلف والتقدم يا مسؤولينا.. لا حظووووا.
أيضاً مما ذكره د.الجمل الثرثرة والكلام وحب الكلمات الرنانة والشعارات، حيث ينفر المختلفون من الفعل والعمل.. كنا كنساء متهمات بالثرثرة، ها هم الرجال يتفوقون في هذا المضمار ويحسنون الشعارات والكلام الكبير والعبارات اللامعة والمجاملات..
ومن سمات المتخلفين التطرف، لأن التخلف يعني ضيق الأفق كما ذكرنا والتطرف في كل شيء، العقيدة، المشاعر، الممارسات العادية وغيرها.. ودليل تخلفنا وتطرفنا ما يحدث الآن في أبين ورداع وشبوة وغيره ا من المحافظات، تنامٍ ملحوظ لتنظيم القاعدة، حيث تم استغلال كثير من الشباب وضيق أفقهم ومحدودية معرفتهم، بالإضافة إلى فقرهم وتم تجنيدهم مع التطرف من أجل أهداف مجهولة، استغلال بشع وتوظيف غير إنساني للشباب، فإذا كان هناك تعليم ولقمة عيش كريمة ومعرفة متاحة وظروف ملائمة لهؤلاء الشباب لما انخرطوا في أعمال إرهابية ولما عاثوا فساداً في وطنهم..
إن سمات التخلف كثيرة وفي بلادنا هناك خصوصية ينبغي أن تنافش بموضوعية، فالحاكم أحياناً يوظف هذه السمات لبقاءه ويبقي عليها حتى لا يتغير المحكومون، كما لا نعفي المحكومين عن دورهم في التغيير متى ما توفرت الإرادة ومتى ما اشتغل الداخل من أجل التخلي عن كل ما يربطنا بالتخلف كان الحال أفضل..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد