يقال أن رئيس النظام السابق أو أحد المسؤولين فيه سأل أحد المسنين في محافظة حضرموت عن الوحدة، فرد عليه ذلك المسن قائلاً:الوحدة زينة بس طولت, وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على صدق المنطق ووضوح الإجابة عند ذلك المسن الذي لم يجد الوقت للمجاملة والزيف لنظام استبدادي ظالم استأثر بكل مقدرات وطنه وجعل من الجنوب عبارة عن غنيمة حرب , ذلك المسن أتى بعبارة فطرية رائعة وخالية من الدجل يدل الشق الأول منها على ضرورة الوحدة التي تبنى على أساس الشراكة الفاعلة بين الشركاء والتي تعيد لحمة الوطن أرضاً وإنساناً وأخوة الشعب ورابطة التاريخ واندماج الهوية وذوبان العنصرية والمناطقية , كلمة تدل على حب الوحدة وأولوية تحقيقها وسبل حمايتها تكلم ذلك المسن عن الوحدة التي لم تتحقق بعد في نظره والتي كان ياملها لأنه وجد نفسه في نظام صار هو فيه كالمستجير من رمضاء الحزب الواحد المسيطر على كل شيء حتى الأفكار والرؤى ومحاصراً للتطلعات ومكمماً للأفواه ومصادرة الآمال إلى نار الحكم العائلي المستبد الذي كان همه الأرض لا الإنسان، فقد استأثر بخيرات الأرض وأقصى الإنسان الجنوبي بكل فئاته, لم يكن ذلك المسن يشكو من الوحدة ذاتها فهي عنده مطلب شرعي وضرورة حتمية , ولكنه يشكو من عدم تحققها على الواقع فهي( زينة) إذا كان هناك عدل ومساواة وشراكة فاعلة وعدالة اجتماعية وتقسيم للثروات والمهام بالتساوي .
إما الشق الآخر من العبارة الرائعة فهو يدل على طول ذلك العذاب والإقصاء والتهميش الذي صار ظاهرها الوحدة الوطنية وباطنها الاحتلال بكل مقاييس العبارة وبكل ما تعنيه الكلمة من معاني الظلم والإقصاء والسلب والنهب والتهميش والإذلال الموجه والتجهيل المنظم والإفقار المقنن الذي عانى منه المواطن الجنوبي مدى سني حكم صالح الفاسد , نعم لقد طولت تلك الكذبة التي اسمها الوحدة ذلك الحلم الذي تغنى به كل جنوبي في طوابير المدارس والمعسكرات والأعياد الوطنية , ذلك الحلم الذي سعى الجنوبيون في تحقيقه بكل ما لديهم من إمكانات وتنازلوا في سبيل تحقيقه عن مكانتهم السياسية وشوكتهم العسكرية وهويتهم التاريخية ليكونوا جزءاً لا يتجزأ من جسد واحد اسمة اليمن الموحد ولم يكن هدفهم شخصي بقدر ما كان عاماً كان مطمعهم الإخاء والألفة ولم يكن مطمعهم الأرض وإقصاء الإنسان، لم يكن في حسبانهم أن يحول ذلك النظام الظالم قادتهم وخبرائهم إلى ربات بيوت بإيقافهم عن العمل وممارسة سياسات التخوين ضدهم ومركزية المعيشة مع كل الشعب الجنوبي الذي كان يبحث في الوحدة عن الحرية وكسر حواجز المركزية البغيضة التي جعلت الجنوبي يخسر ضعف راتبه ليسافر إلى صنعاء حتى يستلمه من منزل أمين الصندوق هناك , فهل سيعي الذين يتشدقون بالوحدة وبقائها أن الوحدة لم تتم بعد ولن تتحقق ما لم يحاسب الذين انقلبوا عليها ويتم استرداد كل ما سطوا عليه ونهبوه وبالذات الأراضي الخاصة والعامة والبيوت المسكونة التي تشرد أهلها أثناء حرب الانقلاب على الوحدة ؟!!فإذا كان هناك أمل في استعادة الوحدة حقيقة فان تطييب النفوس قبل إصدار النصوص سيكون هو الأمل في استعادتها والمحافظة عليها وإلا فإن الطريق ما زال شاقاً أمام المدعين.
سلام سالم أبوجاهل
زيييينة بس طوووولت 2071