صنعاء عاصمة الجمال، المدينة الوطن، التي تغنى بها الشعراء وتغزل بها المبدعون، صنعاء التي بهرت الكثيرين، تغرق اليوم أو حال القمامة وهذه ليست المرة الأولى بل سبقتها مرات عدة عندما توقف عمال النظافة والمهندسين والمواطنين عن العمل، عندما قرروا ترك العاصمة هكذا في لحظة غير عادلة لهذه المدينة، وربما لم يكونوا يتصورون حجم التشوه لكنهم وكما يقول العمال والمهندسون: توقفنا من أجل حقوقنا وحتى يحس ويشعر المسؤولون بأعمالنا ومعاناتنا!.
تضاربت الأخبار حول أسباب إضراب عمال النظافة، حيث قال البعض إنهم يريدون زيادة فوق رواتبهم الضئيلة التي لا تساوي "جعالة ابن مسؤول" والظروف التي يعيشها هؤلاء العمال صعبة وقاسية، إلا أن الأخ المرزوقي – رئيس نقابة عمال النظافة - وفي اتصالي معه لمعرفة الحقيقة قال (إن العمال كانوا سعداء بقرار تثبيتهم، لكن الحكومة تراجعت وتنصلت عن وعودها، والاتفاق الذي تم بينها وبين النقابة في فبراير الماضي..) رئيس الحكومة محمد باسندوة وعد والرجل كلمته كلمة ولا يمكن أن يتراجع عن كلامه ووعوده فعدد (4413) عاملاً ليس بالكم الكبير وتثبيتهم يعني استقراراً وأمناً اجتماعياً لعدد موازٍ من الأسر الفقيرة.. وإلا كيف سترسو دولة العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية؟ إذا كانت القضية قضية من أين تصرف مرتباتهم اقترح – وأنا لا أفقه في الجانب المالي – أن تحول مرتباتهم إلى وزارة المالية، يعني من صندوق النظافة إلى المالية حتى تتدبر الحكومة أمرها.. الشيء الآخر لماذا لا يلتفت لهذه الشريحة بشكل أكثر إنسانية كان تبنى لهم مدينة سكنية وتهيأ لهم ظروف إنسانية وبيئة مناسبة، مقابل قوانين صارمة من أجل عاصمة نظيفة جداً تضاهي العواصم العالمية مثلاً..
قيل والعهدة على الراوي أن عملية تثبيت العمال كانت تسير على قدم وساق لكن حدث تلاعب في ملفات الموظفين، حيث تم إضافة أسماء جديدة داخل كشوفات الخدمة المدنية كأسماء بديلة للعاملين في المشروع.. أمانتكم هذه عمايل رجال؟ هذه نذالة ما بعدها.. وفساد يستحق المحاسبة عليه.. لكن أين ومتى والجماعة مازالوا يمارسون الفساد وعيني عينك وأي كشف لازم يدخلوا فيه أقربائهم وأصحابهم حتى كشف العمال؟!.. خافوا الله في هؤلاء العمال ولا تستكثروا عليهم درجة وظيفية ومن المخجل أن يحدث للعاصمة هذا التلوث وهذا الخراب وهذا التشوه (1200 طن) قمامة تتراكم يومياً في صنعاء ويأتي المطر لحكمة يعلمها الله ليبعثر ويتعفن كل هذا الكم وتبدأ رحلة الأمراض وانتشار الذباب وسلامات يا سكان صنعاء سلامات من أين للفقراء قيمة علاجات وفحوصات؟.
حكومة باسندوة قادرة على معالجة الوضع بتوجيهات صحيحة لوزير الخدمة المدنية ووزارة المالية.. بتثبيت (4413) عاملاً من المذكورين بالكشوفات الصاعدة عن المشروع وليس الكشوفات التي يعدها حمران العيون في جلسات القات، إذا كانت حكومة الوفاق تحب هذا الوطن فعليها أن تحافظ على صنعاء العاصمة التاريخية الجميلة ومن المعيب أن يشُاهد الناس اليمن وهي تغرق في القامة والعفن فقط لأن هناك من يرفض تحقيق مطالب العمال ولا يرى أي مبرر لمطالبهم.. لقد انتهى زمن الدعممة عن المطالب..
التلوث البيئي القادم خطير ونحن في فصل الأمطار إذا لم تحل الإشكالية قد يستغيث أهل صنعاء بالمجتمع الدولي حماة البيئة ومنظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية وقد وقد، ليس ذلك جيداً ولن نتوقعه فقط على الحكومة أن تعقاها وتتوكل على الله وتثبت العمال ولا تندم على ذلك، لأنهم مواطنون يقومون بأعمال شاقة في مجتمع غير مساعد لهم بلا رعاية صحية ولا تأمين صحي للزمن..
الشعور بالأمان يبدأ من استمرارية وضمان مصدر الدخل والعطاء يختلف عندما يكون المواطن يشعر بالأمان ويتمتع به.
( الناس الجيدون لا يحتاجون لقوانين تطلب منهم التصرف بمسؤولية، بينما يجد الناس السيئون طريقة للتحايل على القانون ) أفلاطون..
محاسن الحواتي
البلد الغارق في القمامة 2124