يواجه الرئيس عبد ربه منصور هادي إرباكات ومعوقات كبيرة تصل في رأي بعض المطلعين إلى حد الحصار العسكري من قبل قوات الحرس العائلي التي مازالت قياداتها خاضعة لأفراد عائلة الرئيس السابق، وتهدف المعوقات إلى إخضاع فخامة الرئيس لهيمنة وتبعية الرئيس السابق الذي ما زال يسعى هو الآخر لتكريس سلطة رئاسية مهيمنة على سلطات الدولة وموازية لسلطة الرئاسة من خلف الكواليس .
إذ تفيد معطيات الواقع أن صالح مازال يحاول إدارة الهيئات الحكومية والرسمية من خلف الستار المسدل على جرائم رئاسته السابقة والمعروف بقانون الحصانة.
وإذا أردنا من المشير عبدربه منصور أن يبقى رئيساً فاعلاً وعادلاً لكل اليمنيين على حد سواء، وان يكون قادراً على خدمة اليمن خلال المرحلة الراهنة، فينبغي علينا أن نمنحه تأييداً شعبياً مستمراً طيلة فترة حكمه بدءً بكسر الحصار العسكري الراهن .
أما التفويض الشعبي والثقة الوطنية اللذان منحهما الشعب للرئيس يوم الحادي والعشرين من فبراير الماضي، لا يختزلان الدور الشعبي ولا ينتهي دور المواطن اليمني بهما أو بالتوقف عند حدودهما، وبفعلهما فقط لن يتمكن الرئيس من فرض قراراته الرئاسية وممارسة صلاحياته الدستورية وتنفيذ المبادرة الخليجية بالياتها التنفيذية بالشكل المجدي والمطلوب .
إذ ندرك جميعاً أن الرئيس يواجه عوائق شتى وأن البيئة السياسية والعسكرية والأمنية غير مواتية حالياً لمهمة البناء بسلام وهدوء.
وبالإضافة إلى صالح وأولاده ينبغي أن نشير إلى وجود مراكز قوى أخرى لم تنجح ثورة الشباب إلى الآن في تفكيك روابط قواها وبعضا منها تعتبر نفسها ربائب النظام السابق والوريث الشرعي لقوته، ورغم تعدد مراكز القوى وتناقض مصالحها إلا أن كلاً منها يحاول أن يحجز له مكانة ونفوذاً سياسياً في المستقبل عبر الهيئات السياسية والحكومية إن وجد إلى ذلك سبيلا .
ورئيس الجمهورية إذا لم يجد قوة شعبية داعمة لسلطته ومؤيدة لقراراته ،فإنه وبلا شك سيقع فريسة سهلة لاستغلال مراكز القوى النافذة والمهيمنة على فاعلية المشهد السياسي والاجتماعي، خصوصاً وأن قيادات معظم الوحدات العسكرية ما زالت مرتهنة لبقايا نظام الحكم السابق.
وعليه فان نجاح الرئيس يتوقف على وعي ناخبيه، باعتبار أن سلطة الرئاسة هي المدخل الحقيقي لمؤسسة العمل وحل إشكالية السلطة الرسمية في البلد عموماً.
وإذا تخاذلنا عن ممارسة دورنا الجمعي في دعم الرئيس ومساندته في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا السياسي فإننا سنكون قد أسهمنا إلى حد كبير في إعادة إنتاج سلطة رئاسية قائمة على الاستقواء بمراكز قوى متعددة تعمل على حماية شخص الحاكم ومعاونيه وتسهم بدور كبير في تقويض فكرة الدولة بمشروعها المؤسسي.
ومن حسن حظ اليمنيين أن رئيسهم الراهن قادم من سلطة رئاسية سابقة نعرف جميعاً أنها تحولت إلى عائق أمام الهيئات الحكومية والرسمية وتحول وجودها إلى أزمة سياسية خانقة في مختلف مجالات الحياة اليمنية .
واليمنيون جميعاً يدركون أن عبد ربه منصور هادي لم يكن ضالعاً في جرائم الرئاسة السابقة ولم يكن مشاركاً في صناعة أزماتها رغم وجوده فيها .
لقد تعامل الرجل مع موقعه كنائب للرئيس حينها بحكمة عالية وصبر أكبر ولم ينتج أي أزمة سياسية من خلال موقعه، بل إن الرجل تحاشى ممارسة أي ضغوطات على الرئيس أو أبنائه وأقاربه حينها ولم يستخدم نفوذه العسكري ولم يفكر بالضغط بورقة حراك الجنوب رغم قدرته المواتية لذلك،ورغم عدم منحه الصلاحيات الكاملة، لكنه أثر الصبر والتريث وغلب الحكمة على الانفعال .
وحالياً مازال الرئيس عبد ربه هادي متمسكاً بمنهجه في العمل الرسمي مبدياً جل استعداده لخدمة البلد وأهلها بالتعاون مع المجتمع الإقليمي والدولي بذات الوتيرة وعلى قدر أكبر من الحكمة والتضحية براحة الذات لصالح البلد .
لكن لابد أن يكون الشارع اليمني قوة حقيقية لرئيس الجمهورية وأي قرار يتخذه الرئيس ولم يجد طريقه إلى التنفيذ على اليمنيين أن يخرجوا إلى الساحات بالملايين مؤيدين قرارات رئيسهم المنتخب، لا نريد أن نركن على الفعل النخبوي.
وعلى الثوار في الساحات تقع مسؤولية دعم الرئيس بكل وسائل وفعاليات التصعيد السلمية، لأن الثورة لم تنتهِ بعد، وحتى لا ينطبق عليهم وصف الشاعر عبد الله البردوني لثوار سبتمبر بقوله: الذين بالأمس ثاروا هيجوا الذئاب حولنا ثم ناموا.
Alsfwany29@yahoo.com
فيصل الصفواني
لكي لا نخذل الرئيس 1873