;
محاسن الحواتي
محاسن الحواتي

محكمة.. ومشوار هام جداً 1927

2012-02-28 05:48:04


الرئيس صالح عندما غادر للولايات المتحدة الأميركية كان يهدف لعدد من الأشياء، أهمها رسالة لشعبه الذي انقلب عليه مفادها (بأنني يا ثوريين ذاهب إلى أميركا وأنتم تعلمون دور أميركا في تنصيب الرؤساء وخلعهم وإشعال الأرض تحتهم.. أنا هناك قريب من المطبخ الدولي لصناعة القرار، عائد إليكم بمباركة أميركية، لأنخرط في العملية السياسية ثانيةً، والدليل على المباركة والرضا الأميركي أن الولد/ أحمد، تم تعيينه مكافحاً للإرهاب دولياً، فهو عائد بعد أن يطبخ ويهيأ له بالداخل قراره كرئيس قادم لليمن وابقوا معنا... سنعود.
 الرسالة الأخرى: يرغب توجيهها للثوريين العرب الذين يتندرون ويسخرون من الرؤساء العرب الذين أزاحهم الربيع العربي كالقذافي، أنا غير، أنا مختلف.. ذاهب لأميركا ومعي حصانة، خرجت للعلاج وليس على أي تُهم.
الرسالة السابعة عشرة هي أن صالح يحاول إثبات أنه قادر على اللعب بالبيضة والحجر حتى على أميركا وثعابينها، فهو راقص جيد.. ونسي صالح أن أميركا لا صديق لها، أينما تكمن مصلحتها صادقت، اشترت، ساومت، ذهبت.. وأينما كان الضرر، هددت وضغطت، أزاحت، اتهمت وغزت.. هذه أميركا التي لا تؤمن على صداقة، لذلك استدعت المحكمة علي صالح للشهادة وهو أول مشوار هام جداً يمشيه صالح في حياته وهو غير راغب.. فكل مشاويره كانت على مزاجه يحدد هو الزمان والمكان، إلا هذا المشوار.. ترى هل سيتقمص دور الرئيس ويمشي الخيلاء كما كان يفعل؟! أم سيذكر أنه قد يكون متهماً ومطلوباً للعدالة؟!، أيهما كان فالرجل كم أدخل من شعبه في المحاكم والسجون؟، كم حرض من البشر ضد ذويهم، جيرانهم، أنسابهم، أصدقائهم و....إلخ.. كان سبباً في الثارات والاقتتال حتى انشغل الشعب لجهله وضعف الوعي العام، وانشغل بالاقتتال والثأر وظل هو أربع عقود على كرسيه يؤهل أبناءه وأبناء إخوته، وأبناء الشعب اليمني في صراع لا نهاية له ومن رضي الله عنه وتأهل علمياً، سلط عليه من يحبطه، يشغله، يقتله، وأهون الأمور كان إدخال المؤهلين في دوامة من المشاكل التي تجعلهم يتركون الوطن لعلي وأبنائه.
المشوار الهام لعلي الذي جاء للعلاج يجعلنا نطلب منه إذا ما ذهب للمحكمة التي ستأخذ شهادته في حادثة تفجير المدمرة كول، نطلب منه أن يتفحص الطريق والمكان والناس.. فالطريق إلى المحكمة إسفلتياً نظيفاً، به أشجار يانعة رائعة، المحكمة مبنى جميل ورائع لو كان في اليمن لاستولى عليه أحد أقرباء الرئيس.. الناس هناك حسينو المظهر تلمع وجوههم، ملابسهم منسقة، المحكمة نظيفة جداً، الأوراق في ملفات مرتبة، المتهمون نظيفون أيضاً، الهدوء النفسي يخيم على المحكمة، هدوءاً لا تجده في مسجد من مساجدنا.. لاحظ أيها الرئيس السابق لأنني أود تذكيرك بوطنك الذي لم تبني فيه محكمة واحدة بمستوى المحاكم التي ستذهب إليها.. الطرق إلى محاكمنا ترابية كلها حجر "محكمة شرق، غرب، جنوب، شمال"، شتات ما بعده شتات، لا مواصلات عامة ولا غيره، المحاكم شقق قذرة في عمارة معظمها مستأجرة، العساكر الواقفون عند البوابة هزيلون جسمياً وسلوكياً.. القضاة ينظرون إليك كمتهم ليس كمواطن تبحث عن العدالة.. ولو كنت صحفياً والأجهزة الأمنية وصت عليك، فيا فرحة القاضي لأنه سوف يحاول قدر الإمكان إرضاء أجهزة أبناء الرئيس، ليثبت أنه أكثر ولاءً لهم وإخلاصاً للرئيس.. أيها الرئيس السابق تذكر جيداً أن أمناء السر في بلادك يحملون ملفات القضايا ويخبئونها حتى تتعطل القضايا ويتضرر المواطن، فالقاضي اليوم مريض وغداً لديه موت وبعد غد ابنه سيتزوج ويوم الجمعة إجازة رسمية.. وكم تدفع حتى تحرك القضية، الكل في المحاكم مادد يده دون حياء.
تفحص يا فخامة الرئيس السابق المحكمة نظيفة أليست كذلك؟!، فالمحاكم في بلادنا - التي حكمتها ثلاثة عقود ونيف- متسخة حتى "القرف"، القاذورات على الأرض وبقايا السجارة والأكياس والبصق على الأرض والشمة وإلخ.. مظاهر سيئة في القرن الواحد والعشرين في اليمن، لأنك لم تبن إنساناً، بل بنيت مسجداً فخماً جداً في وسط تخلف قصدته حتى تكون وحدك الذي تستحم وتتهندم، وحدك من يستخدم "الورق الصحي" وحدك من السلوك الغربي الحديث، مع أن دواخلك كانت تتصارع "هل أعلم شعبي وأثقفهم؟ أم أتركهم جهلة أميين؟!"، إن ثقفتهم تجاوزوني وإن تركتهم بجهلهم قتلوني.. كل الحسابات كانت خاطئة.
أيها الرئيس السابق ركز في المحكمة هناك، لا أحد يسأل من أين أنت؟ من بيت من؟ من هو شيخك أو من مدير الناحية عندكم ومن رئيس المحكمة؟!، لأن هذه الأسماء لا تهمهم كثيراً، لكن عندنا كل هؤلاء قد يشفعون للمتهم وقد يتوسطون وقد تقيد القضية ضد مجهول، وقد يضطر صاحب الحق إلى قتل من ظلمه، لاحظ أن المحاكم هناك فيها جدية ومسؤولية واحترام عكس عندنا من أولها "هزورة" واستخفاف وهناك من يوشوش في أذن القاضي وهو في المنصة وآخر يصيح يا قاضي: أين قضيتي؟!.. حالة من الهرج والمرج في محاكمنا، لا أحد يحترم أحد والقاضي لا يفرض النظام ولا يرفض الفوضى، القضاء مريض وغير موثوق به وهذا ما أريد له عنوة، قضاء تتداخل فيه مداخيل كثيرة كالمتنفذين والمسؤولين وأبنائهم والمال هو الذي يصدر الأحكام.. ألم يكن بمقدور الرئيس أن يترك لنا قضاءً نزيهاً، محترماً لكل العالم؟!، ألم يكن من الواجب تأهيل القضاة لفرض هيبة القضاء والانتصار للعدالة؟!.
أخيـراً نسأل الله ألا تكون زبوناً للمحاكم يا صالح مثلما جعلت الصحفيين زبائناً للمحاكم وأنشأت لهم محكمة خاصة، لأن بهذلة المحاكم اليمنية أحسن منها الحبس، وأنت حتى لو طلب مراراً من قبل المحاكم الأميركية ستكون سعيداً، لأن الذهاب للمحكمة هناك كأنه ذهاب لنزهة رائعة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد