الأستاذ/ هاشم الهندي موظف بدرجة مدير عام، مسؤول عن حدائق أمانة العاصمة، الرجل مسؤولياته أكبر من رئيس دولة "حدائق غلبا وعمال كثير، مرتبات وإضافي"، يعني كل شيء على كاهله وهذا من حسن حظه.. شاءت الأقدار أن أتعامل مع هذا المدير العام النادر بخصوص أخي العامل في حديقة "26 سبتمبر"، هذا الأخ الذي أتمنى له الشفاء العاجل هو الأكبر فينا، ضحى بنفسه حتى نتعلم نحن إخوته الأربعة، ونتخرج من الجامعات المختلفة، قام بتزويج إخوته ثم تزوج هو قبل خمس سنوات، رجل عمل في زراعة الحدائق ورعايتها منذ عشرين سنة "متعاقد" أليست جريمة؟! أي قبل أن يأتي الهندي مديراً عاماً للحدائق، الرجل عشق الحدائق وغرسها بالورود ورعاية الأشجار، أخلص لعمله، بل تفانى في أداء واجباته بشهادة كل زملائه.. شاءت الأقدار أن يصاب شقيقي بحادث سيارة "واحد متهور لم يرحمه ولم يراع حاجة طفله وزوجته له" سيارة يا هندي وليس موتور أو سيكل كما قلت أو كما تعتقد.. زرعت له صفائح من فقرات العنق، تأثر النخاع، ولكن شاء الله وهو قادر على شيء أن يمشي على عصا ويمارس التمارين الرياضية، أعطيت له إجازة مرضية وهو يستحقها فعلاً، لأنها بقرار طبي وتوصية أطباء وجراحين أكفاء.. المهم أن الهندي وفي آخر إجازة أصر أن يعود هذا العامل للعمل ميتاً أو حياً، جئنا به إلى مكتبه ليراه، تصوروا وبكل ما أوتي من قوة يلوي عنقه في تجاهل واستخفاف لم يلتفت إلينا بنظرة، فهو مجرد عامل رعوي، من وجهة نظره، دخل مكتبه وهو يقول: "ماذا أفعل له؟ يداوم يعني يداوم".. يا الله كم كان ضعيفاً وهو يتعامل بهذه اللاإنسانية، صغيراً وهو يستعرض قوته – على مين؟!- على رجل مريض، عامل أفنى عمره في العمل، ولم يأخذ إجازة يوماً واحداً وما زال متعاقداً على مدى عشرين عاماً، يعمل بصمت وعندما أصيب إصابة بالغة رفض الهندي مقترح الوكيل الفاضل/ صبرة بصرف مساعدة له.. لا نريد منكم مساعدة أكبر مساعدة هي اعتماد التقرير الطبي والإجازة، ألم أقل لكم إن الهندي أكبر من كل الوكلاء، فقد رفض اعتماد توجيهات وكيلة الشؤون القانونية بأمانة العاصمة الأستاذة/ فتحية عبدالواسع والتي اعتمدت التقرير الطبي والإجازة للأخ/ صالح - العامل لدى الهندي- بعد أن أصيب ثانية بنزيف في الدماغ ونقل إلى مستشفى المتوكل وأجريت له عملية دقيقة لن نتحدث عن تكلفتها أو كيف كانت الحالة.. فقط نشير إلى أن الهندي رفض التقرير والإجازة وقال إنهما مزورتان.. يا ولدي يا مدير عام الحدائق تحدث حتى يراك الناس، فالمرء يوزن بما يقول.. تعال وقم بزيارته وأنت تعرف أن هذا نوع من السلوك الإنساني الراقي وقدم له ورداً كما يفعل الناس وقل له سلامتك، لتكن رجل دولة بحق.. لكنك ولأنك مدير عام وفوق الوكلاء جميعاً لا تتنازل ولن تتنازل لأنك كبير جداً إلى درجة أنك تزدري الكل ولا تحترم أحداً، والله إنك مدير عام بصدق، ولأول مرة أكتشف أنني مدير عام بلا ريشة فوق رأسي، ربما لأنني لم أتعلم الهنجمة بعد، لكن منكم نستفيد يا هندي، وفلسفة الحياة تقول: "لكل ظالم نهاية" والإسلام يقول: "الدين المعاملة".
أخيراً نتمنى ألا تصاب بمكروه ولا نزيف دماغ ولا صدمة سيارة، لأن ذلك سيجعلك تتوسل لأناس كثيرين بلا إنسانية وسيعرضك لخصم راتبك ولتعسف المسؤولين الأعلى منك.. وربما ستجد دعوات من العمال وربما لن تجد وقد لا تحتمل الآلام ولا المعاناة.. وفي النهاية كل بلاء هو محبة من الله.
محاسن الحواتي
الهندي.. رجل من زمن الاستبداد 1964