× الدولة المدنية مفهوم جديد بالنسبة للمجتمع اليمني في ظل عسكرة عمرها أكثر من قرن، على اعتبار أن عهد الإمامة كان كله عسكرة، وجاء عهد علي عبدالله صالح ليكون امتداداً طبيعياً لحياة العسكرة والعكفة حتى وإن ادعى النظام أنه مدنياً أو شبه ذلك، لأنه ركز على المناصب العسكرية لدرجة أن معظم وزرائه ومسؤوليه هم مسؤولؤن برتب عسكرية وأخرى مدينة، وأبناؤهم يأتون من المؤسسات العسكرية لمناصب ومؤسسات مدنية دون وضع للفروقات أو حد فاصل بين الاثنين وكأنها موضة.. ما بعد صالح هي الدولة المدنية التي ينشدها الشعب اليمني.. الدولة التي تعمل مؤسساتها بقوة من أجل فرض هيبة الدولة المفقودة، هي الدولة التي نفتقدها منذ ولدنا وحتى اللحظة "لا الحقهم خير".
× إذا قامت دولة مدنية ستنتهي أدور العسكر في التدخل في القضايا والمشكلات التي لا تخضهم، كما ستنتهي الهنجمة التي يقوم بها كل من ليس "ميري" لإفساد الحياة بالقوة.. الدولة الوليدة الجديدة تحتاج إلى قوى متعلمة متنورة، تحتاج إلى إرادة قوية تعمل في ظروف صعبة، لأن تيار اللاتغيير ما زال يعمل لعرقلة الجديد ولمنع أي تقدم في بناء دولة جديدة تختلف عما كان سائداً في الماضي.. وحتى لا يكون الحاضر أحلى..
× الدولة المدنية ستقف بحزم أمام مراكز القوى + مراكز القوى التقليدية من قبلية إلى مناطقية وغيرها لتحجم دورها وتزيح هذه المراكز عن مكانها لصالح مؤسسات الدولة الجديدة، خاصة والجميع يعرف أن القوى التقليدية كانت تقوم بمعظم مهام وواجبات مؤسسات الدولة، مما أضعف دور الأخيرة في المجتمع وهذا خلل لا يقبل به عاقل في هذا القرن لكنه حديث في بلادنا!.
× الدولة المدنية الجديدة لا تعرف سوى الكفاءات، والمهارات والقدرات ولن تقبل التعليم الهزيل والشهادة المزورة.. بل دولة تبنى بكفاءات مؤهلة وناضجة، كما أنها دولة في حاجة ماسة لتغيير أنظمة الإدارة البائدة والعقبة التي تسيطر على المؤسسات، فالنهوض بالإدارة من أساسيات نجاح أي عمل.. لأن الإدارة قتلت في العقود الماضية وأديرت البلد بالبركة والفوضى.
× الدولة المدنية تعني تفعيل وتنفيذ القوانين على الصغير والكبير الشيخ والمواطن على الغني والفقير، لتنتهي فوضى الوساطات هذا ابن فلان وتلك فلانة، فرض إحترام القانون من أولويات الدولة الجديدة وعدم التفريض بالنظام في أقل المعاملات وأكبرها.. لأن عدم احترام القانون والنظام أضر بنا كثيراً لدرجة أن من يتبع النظام يوصف "بالأهنل" وذاك الأهبل الذي ينتهك القانون يسمى بـ"السمخ" وللسماخة مكانة في سياسة "الهنجمة" والفوضى.
× كثير من القوى، والجماعات والأفراد سوف يتضررون من طريقة بناء الدولة لأنها سـتأتي على كل ما هو سلبي وغير جيد وقد يقاومون لكن أليس من المصلحة العامة أن يحاسب المواطن مؤسسات الدولة المقصرة لأنه دفع الضرائب والزكاة وسدد فواتير المياه والكهرباء والهاتف وقام بكل واجباته وبالتالي من حقه ألا يرضى بأي تقصير أو سلبية ولا مبالاة من قبل أي مؤسسة وجدت لخدمته؟!.
× الدولة المدنية التي ننشد ستكون المرأة فيها أكثر سعادة، لأنها ستنصف وستقدر الكفاءات النسوية المتعلمة وسينتهي عالم النساء الواحدة اللاتي صعدن بالوساطة والمجاملات وتمسكن بالمناصب وعضدن على الكراسي بالنواجذ حتى اللحظة.
ستكون دولة ذات مكانة إقليمياً ودولياً بعد أن كنا متسولين ولا مكانة لنا، فقراء بلا كلمة، معدمين بلا هوية، مهاجرين بلا واجهة..
× الدولة المدنية ليست دولة العائلة الواحدة، أنسابهم وأصهارهم، هي دولة الأغلبية العظمى التي غُيبت وهمشت..
محاسن الحواتي
الدولة الجديدة.. ملامح من بعيد 2046