- لأول مرة نقبل على انتخابات "مافيهاش" رشاوي ولا وعود من الأحزاب ولا إرغام من الأعيان والمشائخ ولا عقال الحارات، الناس قادمون برغبة وبقناعة مع الأخذ في الاعتبار الأصوات التي لن تقول "نعم"، فالرجل شخصية توافقية وتوازنية حتى وإن لم يكن مرشحاً للرئاسة فهو مقبول – جنوباً وشمالاً- ورغم أنه قادم من حضن المؤسسة العسكرية، إلا أنه لم يستغل صفته هذه ولم يساهم في عسكرة الحياة المدنية وهاهو يبدي استعداده لقيام دولة مدنية.
- يلاحظ وربما تكون من الصدف أن غيرت بعض الدول العربية سفرائها، لمواكبة مرحلة جديدة مصادفة مع انتهاء فترة عمل السفراء السابقين، لكن ما أود التطرق إليه هو أن دول أوروبا عندما تعين سفيراً تدرس زوايا عديدة وترسل -الرجل أو المرأة- المناسب ليكون في المكان المناسب إلا في بلادنا، إرسال السفراء يكون على أساس مجاملات، محسوبية حسابات ليس فيها مصلحة البلد، لذلك نجد الكثير من سفرائنا بلا كفاءة دبلوماسية، بلا رؤية وطنية، بلا قدرات.. هم هناك لخدمة من هم هنا وخدمة أبناء المسؤولين والتنسيق لدراستهم، تجارتهم ...إلخ، وهذه هي إشكالية الخارجية، التي يعين السفراء في معظم الأحوال بدون علمها.. فهل الرئيس التوافقي سيرضى بهذه المهزلة؟!، هل سيعتمد الكفاءة والأحقية "الرجل أو المرأة المناسب/ـة في المكان المناسب؟!".. هذا جزء من مكونات الأمن والاستقرار التي ينشدها الرئيس الجديد وليته يفعل، ليخلصنا من كم السفراء الأقل كفاءة والأكثر حظاً، الجاثمين على السفارات والسنوات طويلة كالهم على القلب.
- المشائخ وسلبهم لدور الدولة والحكومة لن يجعل للأمن والاستقرار مكاناً في الدولة المدنية، فهل تحد القيادة السياسية أو تحدد دور المشائخ وترسم لهم دوراً جديداً لا يتخطى دور الدولة في إدارة البلد؟!، كما أن ظاهرة حمل السلاح والثارات المختلفة لن تدع الدولة المدنية تقوم على الأمن والاستقرار، بل على الفوضى والاقتتال.. فهل سيمنع "عبدربه منصور هادي" حمل السلاح في المدن؟! تجريد المواطنين من الأسلحة إلا في الحدود المعقولة ولأسباب جوهرية؟!.. هل سيقض هادي على الثارات القبلية من خلال معالجات يوقع عليها كل المشائخ والأعيان في الدولة؟! حتى يحقق الأمن والاستقرار لابد أن يبدأ وبجدية في مشاريع التنمية والمشاريع الخدمية بالذات، لأن المناطق المحرومة من التعليم ستكون بؤرة للإرهاب والثارات ...وإلخ، والمناطق المحرومة من خدمات الصحة والرعاية الأولية ستكون مصدراً، ومكمناً للأوبئة والأمراض وبالتالي تثقل على الحكومة كثيراً، والمناطق المحرومة من فرص العمل ستكون مصدراً للجريمة والموت وإعاقة كل جهود الأمن والاستقرار، كما أن المناطق المحرومة من الكهرباء والمياه ستكون مصدراً لعدم الاستقرار من خلال احتجاجات تطالب بمثل هذه الخدمات.. إن الأمن والاستقرار يحتاجان لمؤسسات قوية، لبسط الأمن الشامل في كل ربوع الوطن، فهل الرئيس التوافقي مستعد لتغيير خارطة المشاريع الخدمية والبدء بمناطق الاحتياج؟!، هل هو قادر على انتشال الناس من دائرة الفقر خلال عامين؟!.
- نقول نعم لعبدربه منصور هادي ونحن متفائلون، لأن الرجل سيكون حريصاً على عدم تكرار سلبيات سلفه، وسيعمل على لملمة الأوضاع، ومعالجة الجراحات وإن كان العمل يحتاج إلى الكثير من المال والجهد والناس المؤهلين والعقول النيرة والضمائر الحية.. إلا أن الناس يعيشون تفاؤلاً بأننا سنطوي صفحة ونفتح أخرى أجمل وأنصع رغم العراقيل التي تحيط بهذا العمل (الانتقال من دولة عسكرية إلى دولة مدينة)، لكن يظل هناك أحساس بأن القادم أفضل.
- عبدربه وهو رئيس استثنائي لمرحلة استثنائية يستحق التعاون من فئات الشعب المختلفة التي آثرت أن تقف إلى جداره في بلد ثار ورفض الاستبداد والظلم وسوء إدارة الموارد واستغلال المال العام، بلد لأول مرة يقول أهله: لا لحاكم تعددت سلبياته ولم يعد يقدم خطاباً جديداً للمستقبل، ولم يستهدف في برامجه الفئات المحرومة والمهمشة والمغيبة قسراً، بلد منهك معيشياً، لكنه ثائر ونابض بالحياة.. يريد رئيساً نزيهاً، نظيفاً قوياً، صاحب قرار، ذو بصيرة وحكمة، يحترم العلم والمتعلمين، يعمل على بناء دولة قوية مدنية، فيها يحمي النظام والقانون المواطنة المتساوية، نريد رئيساً يحقق للناس آمالهم، خاصة الشباب، تأمن في عهده النساء وضعفاء الناس، لذلك أصواتنا لعبدربه منصور هادي من أجل كل هذا.
محاسن الحواتي
أمن واستقرار.. لهادي نعم 2181