× أن تكون ديكتاتوراً فهذه ليست مشكلتك، بل هي مشكلة من حولك الذين صنعوا منك ديكتاتوراً وتعاملوا معه..
هذه الفلسفة من عندي لأني أؤمن إيمناً قاطعاً أنه لا أحد يكون ديكتاتوراً دون مساندة الآخرين، كما أنه لا أحد يكون جباناً "مدعوساً" إلا بموافقته وبمساندة الآخرين.
× كل بلد يجيد أشياء ويشتهر بها إلا نحن في العالم العربي، نجيد صناعة الديكتاتوريات أكثر من إجادة أي شيء آخر.. والدليل كل هؤلاء الأصنام الذين صنعناهم بأيدينا وأسميناهم حكاماً، صدقوا أنفسهم، أجادوا اللعب على معاناة الناس ما يجمعهم أو ما كان يجمعهم إنهم خطباء جيدون أذكياء في التسلط والاستبداد يوظفون قضايا الشعوب لمصالحهم يهددوننا بالمؤامرات الغربية والحروب الأهلية وهم أكثر الفئات انسجاماً مع الغرب وأصدقاء أوفياء لهم ولمصالحهم المشتركة، أما سلاح الحرب الأهلية الذي يستخدمونه ويرفعونه هو ملهاه لبقائهم وتمديد أعمارهم على الكراسي الصدئة.. الوعود المتكررة والرتيبة التي يرددونها على مسامع الشعوب لم تعد تليق أو تناسب مستوى الوعي العام.. وما يؤسف له أن الوعود بمشاريع خدمية يفرح بها الناس ويهللوا، يعتبر غياب تلك المشاريع الرئيسية والتي كان ينبغي أن توجد منذ عقود يعتبر غيابها جريمة وإدانة للحكومة وللحاكم، إذ كيف تغيب مشاريع المياه والكهرباء أو التعليم أو ....الخ، والبشرية في القرن الحادي والعشرين!!.
× صناعة الديكتاتوريات تبدأ من بيوتنا التي قامت على التقليدية العمياء التي لا يزينها الحوار المتوازن والمعتدل، فسلطة الأب هي الوحيدة التي تفرض وجودها وتعزز من مكانة الأبناء الذكور ويمنح الابن الأكبر بعض من سلطات الأب ليكون وريثاً للسلطة داخل الأسرة، فيما لا تحظى النساء وإن كانت أعمارهن الأكبر لا يحظين بسلطة مماثلة.. هذه السلطة الذكورية الأحادية لأقوى الجبروت لأن المرأة داخلها ـ أي داخل هذه المملكة ـ السلطوية ـ لا صوت لها، وأن كانت بعض الأصوات تعلو لتخفت فجأة، فالمرأة لا تنتصر لنفسها ربما خوف أو عدم رغبة أو حياء أو كل ذلك معاً.. حتى من الأسر المؤنثة تبحث المرأة عن رجل أياً كانت درجة القرابة وقد يسلبها حقوقه وقد وقد.. فهي تغذي اتجاه بناء الديكتاتوريات في الأطفال الذكور وبصورة غير مباشرة يتم اصطفاء أحد الأبناء ذو الميول الأنانية، ليكون ديكتاتوراً صغيراً وسط الأسرة ووسط إعجاب عدد كبير من أفرادها.. يكبر هذا الصبي وتكبر معه ـ نزعة الاستبداد والظلم وأخذ ما للغير وعدم الانصياع لصوت العقل غالباً.. وعندما يصير ديكتاتوراً في مجتمعه يختار أو له الوظيفة التي ترضي غروره واتجاهاته ويخلق من هؤلاء بعض الحكام وكبار الضباط، رجالات الأمن والمحققين و..
× ألا توجد نساء ديكتاتوريات؟ نعم وهذه حالات شاذة وولدت في ظروف غير عادية وقد تكون حالات نادرة، فالمرأة تغلب عليها العاطفة وتربة نفسها بالقيم الإنسانية ـ ليس تحيزاً ـ ولكن المرأة هي التي تمنح هذا الكوكب دفئه.
× عودة إلى الديكتاتوريات التي أخرت العرب عقوداً وجعلتهم يدورون في فلك واحد هو كيف ندير لقمة العيش؟ ألا يستحق هؤلاء دراسة لشخصياتهم كيف ولدت وما هي الظروف والعوامل التي ساعدت؟ حتى لا تعيد إنتاج ديكتاتوريات جديدة طالما والأسرة العربية تدار بنفس الطريقة والمبادئ القديمة التي يطالها أي تجديد..
محاسن الحواتي
صناعة الديكتاتوريات.. 1754