مازلت كغيري أعيش الوضع اللإنساني الذي أراده لنا النظام من قطع للتيار الكهربائي لأيام، إلى حرماننا من الماء الذي قال عنه "الله سبحانه وتعالى" ((وجعلنا من الماء كل شيء حي))..
إلى جانب أزمة الغاز والديزل والبترول.. هذه الجرائم الكثيرة والفضيعة مارسها النظام منذ إندلاع الثورة من لحظة قرار غير إنساني لمعاقبة هذا الشعب الثائر والصامت وكأنه يقول لهم "مالكم إلا هذا الوضع وهذا الشقاء وهذا البؤس" هذه الجرائم التي اقترفت بحقنا ومازالت تستنكرها كل العرب.. لم يفعلها زين العابدين بن علي ولم يفكر فيها معمر القذافي أو حسني مبارك.. أنها ابتكار يمني خالص إطفاء الكهرباء لتركيع البلاد والعباد.. حرمانهم من الماء حتى تظمأ النفوس، إدخال البلد في أزمة غاز وبترول وغيرها حتى يرفعوا الراية البيضاء..
بلا إنسانية تعاملوا مع الشعب وبلا أخلاق يتعاملون.
مازالت الأزمة قائمة دون أدنى شعور بالمسؤولية، حجم الاستياء اليوم كبير وحجم المعاناة أكبر.. ترويض الشعب ليس بهذه الحرب لأن سلاح الصبر أقوى من كل الأسلحة، ولأن "الله سبحانه وتعالى" لا يرضى بالباطل، فإن النصر حتماً للشعب.
كيف تكون مواطناً صالحاً وأن تعمل مع رؤساء عمل فاسدين وبلا قيم؟ كيف تكون مواطناً صالحاً وأنت تصحو على أنغام التعب والمسؤوليات وعلى رأسها: ماذا نأكل وكيف ومن أين ومتى؟ كيف تكون مواطناً صالحاً وقد جردت من حقوقك الإنسانية وجلادوك ينظرون إليك باستمتاع وأنت تستغيث من أوجاعك، وآلامك.. كيف تكون مواطناً صالحاً وأنت تبكي فقدت العزيز في وطن تعاقد مع الموت وأصبح يهديه لكل من أراد الحياة..؟ كيف تكون مواطناً صالحاً وقد طحنتك رحى الظروف والفقر.. وجلاديك يعيشون في قصور مشيدات من طين الظهور التي قُصمت ذات يوم ودفنت ذات مؤامرة رخصية؟ كيف تكون صالحاً وأنت تعيش في بيئة لا تصلح لإيواء القطط والكلاب ويتلقي أبناؤك تعليماً تلقينياً لا إبداع فيه ولا قيم ولا... ولا....؟ كيف تعرف الصلاح وأنت تسمع الكثير عن الدين وسماحته وفي الواقع لا تجد لا سماحة ولا ملاحة ولا ولاء؟ كيف تكون مواطناً صالحاً وأن تشتري الوظيفة، وبعدما تتوظف تتملق لرؤسائك الفاسدين ليدفعوا لك راتباً وقليلاً من مكافأة وبعضاً من نثريات تمهيداً لتكون فاسداً بعد سبع سنوات وسبعة أيام.
أن تكون مواطناً صالحاً في بلادي العزيزة أمر مستحيل، لأن المواطنة المتساوية التي ترعى الصلاح في الأرض غير متوفرة ولأن البلاد ولدت على غير عادتها وترعرت على أيدي من لا يرحمون، فإنها مازالت وستظل "بلدة طيبة ورب غفور"... المغفرة لن تكون لهم لأن إفقارنا وآلامنا لن يتجاوز عنها "الحق سبحانه وتعالى" كما أن البلدة الطيبة لا تحب إلا الطيبين..
أن تكون مواطناً صالحاً يعني أن تتصالح مع الخير الذي أعدموه وأن تتعامل مع العدالة التي وأدوها، كما يعني أن تكون حراً كريماً في بلد أصبحت الكرامة فيه غائبة والحرية طريدة.. لن نسامح كل من سلب حقوقنا وأحالنا إلى كائنات تعي لتأكل من فتات الفاسدين.
محاسن الحواتي
كيف تكون مواطناً صالحاً في ستة أيام 2285