شباب اليمن المتطلع للتغيير والذي سعى للتغيير بصدق وإيمان ودفع الغالي والنفيس، اختطفت ثورتهم عنوة، حيث أخذ البعض بريقها ليسجل تاريخاً نضالياً شخصياً، الزخم الثوري قاده الثائرون، حتى الأرض شهدت لهم والسماء وثارت معهم ولأول مرة في تاريخ الوطن يلتحم اليمانيون حول أهداف وطنية محددة تتطلع أرواحهم لوطن جديد وأجمل، هذا الهدف الأسمى والأغلى أبى المتنفذون في هذا البلد المرهق إلا أن يوئدوه ويجهضوه قبل ولادته.. فهم أدمنوا السلطة والسيطرة والاستبداد عندما حاولوا ارتداء ثوب الثورة، لم يصمدوا كثيراً والمعارضة هي الأخرى لم تصمد.
الشباب وساحاتهم المضمخة بالدماء، ساحاتهم التي حملت أيامهم الثورية ولياليهم الوطنية مازالوا متمسكين بمطالبهم، بعد أن ظن الفرقاء أن التقاسم من خلال المبادرة الخليجية هي الحل الأمثل وأنها الحكمة اليمانية والإيمان اليماني بعينه.
تجاوز الشباب وعدم إدراجهم ضمن التسويات السياسية لا يعني نهاية المشكلة بقدر ما يعني ترحيل المشكلات للأمام، إلى أجل غير مسمى.. الحوار مع الشباب عنوان للحكومة لم تحدد من ومتى سيتم التحاور وهل الطرف المحاور للشباب مقبول من وجهة نظرهم؟! وهل موضوعات الحوار تشبه بنود المبادرة وآليتها؟!.
الشهداء والجرحى الأسماء الأسمى في الثورة، هؤلاء والذين فقدوا وظائفهم ومصادر دخلهم وكل من دفع ثمن تأييده للتغيير، هؤلاء لن يغفروا لمن وأد الثورة وشوه صورة النضال الوطني الذي أثبت من خلاله هذا الشعب سمو أخلاقه وصبره.. هؤلاء الشرفاء لن يرضوا بالحلول المرقعة أو بأنصاف الحلول.
الثورة اليمنية هي الثورة الوحيدة في ربيع الثورات العربية التي تأخر عليها المجتمع الدولي ودول الجوار والسلطة في الداخل والمعارضة إلى درجة أنهم يطلقون عليها "أزمة" وليست ثورة!!.. ويرون في التعويض المالي لأسر الشهداء والجرحى أكبر حل للمشكلة وقفل الملف بهذه الطريقة الهزلية تبعث على الاستفزاز، والتقليل والتبخيس للأمور لن يقود إلى نهايات جدية وسليمة.
الثورة اليمنية من أجل التغيير لن تنتهي إلا بتحقيق أهدافها ولو بعد حين وهي سفر تاريخي ولد من رحم المعاناة والبؤس عمدته الدماء والأرواح الطاهرة، كتبته أنامل الجرحى وزغاريد النساء.
للمرأة في الثورة باع ولها بصمات، لم تخرج النساء في اليمن كما خرجن في الثورة بأطفالهن، كأسراب الطيور والحمائم، قدمن أرواحهن فداء للوطن وسطرن مواقف بطولية نادرة تستحق أن توثق للأجيال فخراً واعتزازاً.
الثورة اليمنية وإن وأدت وشوهت تبقى النفوس حبلى بالأمل والإرادة في التغيير.
حسبوه سيموت وإذا بالحر حيٌ في ملايين البيوت.
محاسن الحواتي
الثورة المجني عليها 1820