إن عملية اكتمال الوعي الثوري هي التي ستؤدي إلى الفعل الثوري الحقيقي الذي سيعمل على انتصار هذه الثورة النصر النهائي، فمن خلال متابعتي لجميع مكونات هذه الثورة، لاحظت أن مكونات الوعي الثوري موزعة على كافة المكونات الرئيسة للثورة، وهذا ما يميز ثورتنا اليمنية.
فالأحزاب السياسية تمتلك جزءاً من الوعي بالثورة من خلال معرفتها بدموية هذا النظام وأنه لا يهمه حتى أن يفتك باليمن كاملاً مقابل أن يحافظ على بقائه، لذلك آثرت الحل السياسي لإسقاط هذا النظام.
والشباب بطاقتهم الحيوية وعدم دخولهم بحوارات وتسويات سياسية كان نابعاً من وعيهم بحقائق الواقع وما يعيشونه من بؤس وفقر وظلم والذي يزداد أكثر في ظل هذا النظام، فتركز وعيهم في ثورة ترفض كل ما عدا إحلال منظومة قيم جديدة، لذلك كانوا أكثر شجاعة على مستوى التصعيد الواقعي في المواجهة المباشرة مع هذا النظام الدموي، ولكنهم كانوا القوة الأضعف من حيث الحشد والقدرة على المواجهة.
وهكذا كان الجيش الموالي للثورة والذي فضل فعل الحماية على المواجهة لمعرفته ما الذي يمكن أن تؤدي إليه المواجهة من الخسائر البشرية التي قد تفوق ما يحدث في سوريا، نظراً لتبعية مؤسسة الجيش لأسرة وليس لشعب أو وطن، ونفس الأمر كانت قبائل اليمن تعرف تماماً ماذا تعني حروب قبلية وثارات وما ستحدثه لليمن من دمار، لذلك قدمت نموذجاً رائعاً لسلمية القبائل ودللت على الحكمة اليمانية.
لقد كان الوعي الثوري يتوزع على جميع مكونات الثورة اليمنية، فكل مكون مستوعب من خلال تجربته مع هذا النظام جزءاً خاص به من الوعي، لذلك ظلت الصراعات فترة من عمر الثورة وكل مكون يتهم الآخر بتقصيره تجاه الثورة، وكل مكون يرى الحقيقة وفقاً لتصوراته وتجاربه الخاصة، وهذه الصراعات هي التي ساعدت كثيراً على بقاء هذا النظام وإعادة ترتيب أوراقه، وفي نفس الوقت أعتقد أنها ساعدت أكثر على إنضاج هذه الثورة باختلاف مكوناتها، خاصة وأن الثوار نزلوا إلى الساحات يحملون هماً واحداً هو نشدان التغيير وإسقاط النظام، لكننا لم نكن ندرك كثوار أننا ما زلنا نحمل الكثير من ثقافة النظام التي تربينا عليها وعشنا بها وتعايشنا معها فترة طويلة من الزمن، فمارسنا ثقافة الإقصاء فيما بيننا كما مارسها النظام ومارسنا ثقافة اللامسؤولية الشخصية في تحمل أخطاءناً، وبرعنا في استخدام ثقافة التهميش كما هو استخدمها معنا، ولكن هذه السلوكيات كلها كانت في الضفة الأخرى من النهر كانت بين الثوار أنفسهم، والتي تحت مبرر أننا ثوار أسقطنا كل عيوبنا على الآخر، للأسف الشديد نحن لم نطبق قيم المواطنة والمدنية فيما بيننا نحن الثوار، فكيف سنستطيع أن نطبقها داخل المجتمع وننادي بها ونحن نتعامل بعكسها؟.
عندما يكتمل الوعي الثوري لدينا، سنكون على قدر الفعل الثوري الذي ينتظرنا ويتلهف لمشاركتنا لحظة التوحد الثورية التي سنفتح بها بوابة اليمن الجديد.
aolfat2002@yahoo.com
ألفت الدبعي
عندما يكتمل الوعي الثوري 2267