بقلم: لورا كاسنوف وروبرت ورث ترجمة/ أخبار اليوم
بعد ثمانية أشهر من أول دعوة للمتظاهرين إلى ثورة في اليمن، دخلت البلاد المحاصرة في جولة جديدة من العنف والتي يبدو فيها المتظاهرون في الشوارع أنهم أصبحوا أكثر قليلا من رهائن يُضحى بهم في الصراع الطويل بين النخب السياسية في اليمن.
تم الاتفاق يوم الأربعاء على هدنة هشة جدا بعد ثلاثة أيام من المعارك والقصف المدفعي التي أدت إلى مصرع العشرات من المتظاهرين العزل. لكن يبدو أن العنف قد حطم الجهود الدبلوماسية الأخيرة لإبعاد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي يحكم البلاد منذ فترة طويلة، عن السلطة.
قد يكون هذا بالضبط هو جوهر المشكلة. في الأسبوع الماضي ظهر أن المفاوضات أحرزت تقدما وأصدر دبلوماسيون أجانب تصريحات تشير إلى أن التوصل إلى اتفاق لنقل السلطة كان أمامه مجرد أيام. بعد ذلك تقدم المتظاهرون في صنعاء نحو القوات الحكومية ورشقوهم بالحجارة، وليس واضحا أنهم كانوا مُحرضون، وكان رد القوات الحكومية بالقوة القاتلة. ويوم الأربعاء قُتل خمسة متظاهرين في أعمال عنف متفرقة، منهم من قُتل بنيران القناصة والآخرون في هجوم بقذيفة هاون.
إن العنف الدموي الأخير يهدد بالتحول إلى صراع أوسع بين الأطراف الأقوى تسليحا في البلاد: قبيلة قوية وقائد عسكري متمرد وأسرة صالح. كل طرف يقاتل من أجل فرض إرادته، حتى المحافظات النائية تنزلق أكثر فأكثر من سيطرة الجميع.
صالح، الذي كان يوازن ببراعة ويستغل الانقسامات في البلاد، لا يزال يتعافى في السعودية متأثرا بجروح أصيب بها في هجوم بقنبلة بدار الرئاسة في يونيو الماضي.
مشترطا عدم الكشف عن هويته تبعا للمعايير الدبلوماسية، قال دبلوماسي غربي في صنعاء: "للأسف أن جزء من هذا الوضع هو صراع على السلطة بين النخب المسلحة الذين لا يفكرون بمصالح اليمن العليا، فهم يتصارعون من أجل تحقيق مكاسب شخصية وسياسية".
لقد وافق صالح عدة مرات على التنحي في الأشهر الأخيرة، إلا أنه يغير رأيه في اللحظة الأخيرة، وهو السلوك الذي أغاض خصومه والوسطاء الأجانب، مما ولد مناخا ساما من عدم الثقة.
في ظل غيابه، حافظ نجله أحمد، الذي يتولى قيادة الحرس الجمهوري المدربة تدريبا جيدا، على سلام هش مع خصومه الرئيسيين، منهم الملياردير وسليل أقوى قبيلة في البلاد حميد الأحمر واللواء علي محسن الأحمر أقوى قائد عسكري في البلاد الذي أعلن انضمامه إلى المعارضة في مارس الماضي.
الخصومة الخاصة بين اللواء علي محسن ونجل علي صالح تزداد عمقا. على مر السنوات الماضية، قوض كلا منهما أدوار الآخر في الحرب ضد المتمردين في شمال اليمن، مما أطال أمد الصراع وتسبب في معاناة لمئات الآلاف من غير المقاتلين.
ويُقال إن الرجلين الآن في خلاف على أدوارهما الشخصية في حكومة ما بعد صالح. اللواء علي محسن يحمي المتظاهرين المخيمين في ساحة بصنعاء منذ مارس. الجزء الكبير من الحماية يتمثل في أن علي محسن وحزب الإصلاح الإسلامي الأقوى حافظا على المتظاهرين داخل مخيمهم، مما منع أي استفزازات كانت بالتأكيد ستؤدي إلى أعمال عنف.
في الأسابيع الأخيرة، قال العديد من المتظاهرين، المحبطين بعد شهور من الجمود والتواقين إلى تصعيد حركتهم، إنهم أرادوا القيام بمسيرة خارج مكان المخيم حيث كانوا مقيدون لفترة طويلة.
في البداية منع اللواء علي محسن وقواته ومنظمو الاحتجاج من حزب الإصلاح، مثل هذه المسيرة. لكن يوم الأحد، تقرر انطلاق مسيرة للمتظاهرين إلى منطقة مليئة ببلطجية مدججين بالسلاح ويوالون الحكومة.
لقد أعلن المتظاهرون منذ فترة طويلة إنهم على استعداد للموت من أجل قضيتهم، ويبدو أن الفترة الطويلة للاعتصام قد عززت من تصميمهم.
الإستشهاد في اليمن مُمجد ويبدو أن المتظاهرين، خصوصا الشباب منهم، شعروا حقا أنهم جزء من شيء أكبر من أنفسهم عندما كانوا يواجهون هجمات قاتلة.
في هذه المرة، سمح اللواء علي محسن بانطلاق المسيرات. العديد من اليمنيين يسألون عن دوافعه في ذلك، معتقدين أنه تعمد إثارة الرد الدموي من القوات الحكومية حتى يجعلهم يبدون مثل القتلة أو لعرقلة أي تسوية قد لا تكون لصالحه.
يقول دبلوماسي يمني رفيع المستوى، اشترط عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام، إن اللواء علي محسن يدرك تماما إن القوات الحكومية "سترد بعنف يكون لها نتائج عكسية على" أسرة صالح.
وأضاف الدبلوماسي اليمني إن اللواء علي محسن "يعرف أن هناك احتمال دائم في أن أحمد علي قد يكون قادرا على لعب دورا سياسيا في أي اتفاق مستقبلي" وبالتالي يريد تشويه سمعة منافسه قبل أن يحدث ذلك.
يقول الكثير من اليمنيين إن الحكومة وعلي محسن هم على خطأ. فالبعض يشكك في أن الرصاصات الأولى كانت مُطلقة من القوات الحكومية ومناصريها الذين يرتدون ملابس مدنية.
لقد تعرضت قوات علي محسن للنيران وسيطرت على تقاطع مهم في المدينة. وفي وقت لاحق فقدوا السيطرة على التقاطع، لكن بعد أن قُتل الكثير من المتظاهرين في تبادل إطلاق النار.
الدافع لأعمال العنف كانت تجدد جهود التفاوض على انتقال السلطة. كانت هناك محادثات بين المعتدلين من الحزب الحاكم والمعارضة جرت على مدى أسابيع.
وفي خطوة أخرى، أعلن صالح هذا الشهر أن نائبه، الرئيس بالوكالة عبد ربه منصور هادي، مُفوض رسميا بالتفاوض والتوقيع على اتفاقية انتقال السلطة.
يُقال إن هادي من ضمن المعسكر المعتدل في الحزب الحاكم، فكان إعلان التفويض معززا للتفاؤل. فجاء أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني إلى صنعاء يوم الاثنين كي يشرف على ما كان يُفترض أنه اتفاق بين الجانبين بشأن تنفيذ المبادرة الخليجية، لكنه غادر الأربعاء من دون التوصل إلى اتفاق.
صحيفه نيو يورك تايمز الامريكية
اليمن تدخل مرحلة جديدة من العنف بعد ثمانية اشهر من الاحتجاجات 2747