إن الجمال قسمان: ظاهري، وباطني، كجمال علم وعقل وكرم، وهذا هو محل نظر الله من غيره وموضع محبته، فيرى صاحب الجمال الباطني فيكسوه من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصفات، فإن المؤمن يُعطى حلاوة ومهابة بحسب إيمانه، فمن رآه هابه، ومن خالطه أحبه، وإن كان أسود مشوهاً، وهذا أمر مشهود للعيان.
وكذلك فإن الصيام أيضاً قسمان كالجمال: صيام الظاهر، وصيام الباطن. فالظاهر منه يبينه قول النبي (ص): "رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع...".
قال الغزالي: قيل هو الذي يفطر على حرام، أو من يفطر على لحوم الناس بالغيبة، أو من لا يحفظ جوارحه عن الآثام.
أما صيام الباطن فهو الذي تثمر معه شجرة الإيمان في القلوب، وتظهر به التقوى الكامنة في فطرة الإنسان، وتُستعمَل في وجوده الجوارح لتعتق صاحبها من غضب الله، وتسخّر الأعضاء في مرضاته، وتتفانى النفس في نفع عباده، وتشمر لعمل الخير، وتحتسب في قول الحق، وتتحرك كلها وفق أمره. فهذا هو الذي خلوف فمه أطيب عند ربه من ريح المسك، وهذا هو من يفرح بصومه في الدنيا والآخرة.. ولمثل هؤلاء قال النبي (ص): "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة يوم القيامة، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك".
ملاك عبدالله
الصيام كالجمال.. فكن صائماً جميلاً 2100