;
أحلام المقالح
أحلام المقالح

بدون نَق علينا .... 2376

2011-07-24 02:48:53


لم يمر وقت كبير على آخر مرة تحدثت فيها مع جدتي والتي دائماً ما تقص لنا عن نفسها حينما كانت بعمرنا، فترسم البسمة على وجوهنا الشاحبة سواء في حِكمها أو نصائحها أو حتى بطرائفها وما جعلني أعود بشريط ذاكرتي للوراء قليلاً وأحصر مخيلتي بين نَق جدتي لأحوالها بالأمس وحالنا اليوم هو الوضع الذي آلت إليه اليمن حالياً، فبين حكايا وأهازيج جدتي أقف مندهشة ومنتظرة لتنبؤات كانت دائماً تصبها في أذني دون أن أعيرها أي اهتمام.
جدتي كانت تتمنى لي يوماً واحداً برفقتها في منزلها الكائن بقريتها، فهي كما تمنت لي تريدني أن اعمل كما كانت تفعل في شبابها، فكانت تصحو منذ الفجر لتعجن وتخبز وتعد الفطور لزوجها وآل البيت ومن ثم تذهب للبئر لنقل الماء على ظهر (الحمار) ولا تنسى زوجها بتاتاً، فهي تذهب "للجـِربه" لإعطائه الفطور ومساعدته في عمل الحقل، خاصة "البتل" فتجر الثور على طول الجربه تحت حر الشمس ومن ثم تعود للمنزل محملة بالعلّف للماشية التي كانت تربيها بالبيت وما أن تصل إلى المنزل حتى تغرّز (تُطعم) البقر، ثم تتوجه إلى المطبخ لتجهيز الغداء كاملاً بنيران التنور "الحطب" ...
لم ينته اليوم بعد حتى تقوم بغسيل الصحون والملابس بدون غسالة كهربائية وأمامها زَوع (دبش) اللبن وتجهيزه.
مازالت أمهاتنا وكل نساء ذاك الزمن يتحسرن على أنفسهن، فهن ولدن في بيئة يدوية تعتمد حركاتها ونشاطاتها على المجهود العضلي، بينما نحن أجيال (الدلع) على حد وصفهن لنا، فنحن مولودات في بيئة الكترونية تمارس فيها النساء النشاطات والمهام بأسرع ما يمكن وبأقل مجهود فمع وجود البوتاجاز والمكنسة الكهربائية والغسالة والتلفونات ووسائل النقل الحديثة بتنا مدلعات وما ننفعش ببصله وحتى الحلبة والسلطة نجهزها بآلات.
لا نُنكر أن هناك فرقاً واضحاً بين نساء زمان ونساء اليوم ولكن الفرق تقيسه التربية المُتشعبة أما بالإيجابيات أو السلبيات وليس بوجود عالم الكتروني تستند إليه نساء هذا الزمن لإنجاز أعمالهن..
هن لا يُدركن فعلا أنهن يختلفن تماماً عنا بكونهن وُلدن في بيئة العمل الدائب في غياب لوسائل الترفية كما هي حاضرنا، فتحكمهن التجارب ويصبحن أكثر استيعاباً للوضع، أما نحن فحالنا كما وصلنا إليه، فلن تمنعنا الإلكترونيات أن نصحو مبكراً، بل سنضاهيهن بإنجازاتهن فبوجود، التنور الحطب كمثل يجبرنا أن نصحو مبكراً للعجن والخَبز الذي يُفضل انجازه مبكراً (هكذا كما تعوّدنا).
اليوم ومع انعدام الغاز وشُح المياه وانطفاءات الكهرباء حدث وأن عدنا للوراء على عكس ما يحدث للبلدان الأخرى فهي تتقدم للأمام في حين أننا نتقهقر للوراء، فعدنا إلى الفوانيس والى الحطب والى حَمل الماء من أماكن توفره، فباتت المرأة اليوم أقرب ما تكون بالأمس باختلافات بسيطة ترسمها اختلافات مقاييس تربية أجيال الماضي عن أجيال اليوم.
أظنني لم اعد بحاجة إلى مرافقة جدتي فبمرافقتها لي اليوم تشابهت الأوضاع وبصراحة أكثر بدون نَق علينا..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد