;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

نماذج إيجابية .... 2317

2011-07-20 05:16:33


إن النماذج الأساسية للإيجابية تتحقق في الأنبياء عليهم السلام والمنعم عليهم الذين قال الله تعالى عنهم: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (69) سورة النساء.

* تعريف الإيجابية
تُعرف الإيجابية بأنها بذل المجهود في فعل الخير والدعوة إليه ونصره وتوسيع مداه، من خلال الأعمال الفردية والجماعية لتشكيل مدار الإيجابية الذي تسبح فيه، ومن خلاله كل القوى الإيجابية لبناء الوطن بما يرضي الله عز وجل ويحقق الرفاه للأمة ويقيم العدل ويوفر العيش الكريم للأمة أفراداً وجماعات، وكبح جماح الظلم والظالمين.

* نماذج الإيجابية:

سبق القول أن الأنبياء عليهم السلام هم نماذج الإيجابية قال الله تعالى{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} (90) سورة الأنعام، ويحدد النبي صلى الله عليه وسلم نماذج الإيجابية في الرجال والنساء في حديث صحيح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع خديجة وفاطمة ومريم وآسية".
فهذه هي نماذج الإيجابية التي بنت الحياة بالعدل، وأقامت في ربوعها الخير، وحققت في جنباتها الرفاه، وكانت وما زالت ملهمة للمؤمنين في السير إلى الله من جهة ولبناء الأوطان من جهة أخرى، ويأتي في مقدمتهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي يعد أهم شخصية إنسانية قادت حركة الحياة بأعظم تغيير شهده العالم إلى يوم القيامة، فقد أوجد الله به أمة المسلمين، وتاريخ الإسلام وحضارته التي امتدت لثمانية قرون تحمل مشعل العلم ولواء الحرية وراية المعرفة وقدمت للعالم المنجزات التي كانت الأساس المتين الذي قامت عليه منجزات الحضارة اليوم.
وفي الجانب النسوي يقدم النبي هذه النماذج الكبرى في تاريخ البشرية في تلك النسوة القدوة خديجة الكبرى التي أنفقت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم واحتضنت دعوته وثبتت خطاه في لحظاته الأولى وبهذا تعد أعظم امرأة في تاريخ الإنسانية من جوانب عدة، ونجدها تحتفل بالنبي العظيم صلى الله عليه وآله وسلم في لحظة الوحي الأولى، فتكون بذلك أعظم امرأة تواجه الصدمة الأولى في ثبات وصدق وعظمة نجد كلماتها تردد في جنبات الكون، ودواخل الصدور، وأروقة العقول، وهي تقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم "كلا لن يخذلك الله أبداً."

ثم وهي تشجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على مواصلة السير في الدرب العظيم، درب النبوة الذي اختاره الله تعالى له، وهي تذهب به إلى ورقة بن نوفل رضي الله عنه، لتسترشد بعلمه، وهي بذلك أول امرأة في تاريخ الإسلام ترد الأمور إلى التخصص وتسعى نحو بناء الحياة على الأساس المعرفي، بل هي أول شخصية في الإسلام أرست هذا المبدأ الحضاري الإنساني الكبير.

إن عظمة المرأة ودورها الإيجابي كان متعلقاً تعلقاً أساسياً بأهم أحداث التاريخ في الحياة البشرية، فخديجة ومريم وآسية ارتبطت حياتهن بكافلة نبي، حيث كفلت خديجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ شبابه، وكفلت آسية موسى عليه السلام، وكفلت مريم عيسى عليه السلام، وأما فاطمة رضي الله عنها، فهي ثمرة فؤاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأحب بناته إليه، وكانت مثالاً للزوجة الصالحة، والابنة البارة، والمربية الزاكية، والصابرة المحتسبة، وذات الشفقة والرأفة، والمساهمة في العمل الجهادي كحادثة أحد، وكانت تمثل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كل أسرته الطاهرة، حيث لم يبق من أولاده وبناته إلى لحظة وفاته غيرها، وهي أم الحسنين ريحانة النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجة أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه.

يضاف إلى ذلك أنها أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الناس أجمعين، إن للمرأة في تاريخنا الإسلامي دور عظيم سبقت فيه الرجال في أهم مجالات حياتنا الدينية والدنيوية، فابتدأت مسيرة النبوة بامرأة هي خديجة التي احتضنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لحظة الوحي حين عاد إليها ترجف بوادره وهو يضع بين يديها مخاوفه ويتخوف على نفسه، واختتمت المسيرة النبوية وعائشة رضي الله عنها تحتضن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حُجر عائشة رضي الله عنها، ماذا تريد المرأة أكثر من هذا وحياة النبي صلى الله عليه وسلم الدعوية تبدأ بامرأة وتختتم بامرأة.

إن إيجابية المرأة المسلمة حازت المقدمة في الجانب السلمي في الدعوة، واحتضنت الحياة النبوية من أول لحظاتها إلى آخر لحظة في الحياة النبوية، ولكن إيجابية المرأة المسلمة وتفوقها وريادتها وعظمة دورها، لم تقتصر على الجانب السلمي في النضال الدعوي وحسب، بل كانت في وتحتفظ المرأة المسلمة برقم واحد في الشهداء في تاريخ الإسلام، فأول اسم في قائمة الشهداء مسجل باسم "سمية بنت خياط" اليمنية أم عمار بن ياسر، في مقدمة جانب البطولة، حيث الاستبسال وحيث تتجسد البطولة في لحم ودم، تقدمت سمية بنت خياط قافلة الشهداء في الإسلام، فكانت أول شهيدة في التاريخ الإسلامي، وهي أول من دفع حياته ثمناً لموقف الحق في تاريخ الإسلام، وسمية هي إحدى الرموز العظيمة في تاريخنا الإسلامي في الدفاع عن المبادئ والبطولة في الذود عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم، في حين طلب منها أبو جهل أن تسب محمداً صلى الله عليه وآله وسلم طلبت منه أن يدنو منها، فلما دنى منها بصقت في وجهه، وبذلك سجلت أول صفعة لجهالة أبي جهل، ودفعت حياتها ثمناً لموقفها البطولي العظيم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد