ذات مرة ذهب أحد أصدقائي لشراء علاج لأخته المريضة من إحدى الصيدليات، فاشتراه بـ"4200" ريال، وأتى إلى عندي شاكياً باكياً من غلاء سعر الدواء.. فقلت له ليش ما تروح تبايع بقيمة العلاج في صيدلية أخرى؟، فراح وإذا به يجد نفس العلاج وبنفس النوعية ونفس الشركة المصنعة وبسعر"3000" ريال، ياللهول فارق "1200" ريال.. أين هي وزارة الصحة؟ ولماذا لا توجد رقابة مستمرة لكي تحد من جشع وطمع المتاجرين بالدواء؟.
فكلنا نعرف وكما نسمع ونرى أن المتاجرة بالدواء في بلادنا أصبحت مربحة وأصبح تجار الدواء ينافسون تجار المخدرات في الثراء والرفاهية مع وجود فارق بسيط هو أن تجار المخدرات يعملون بالسر وتجار الأدوية يعملون بالظاهر والعلن وعلى مرأى ومسمع من وزارة الصحة، يتجاوزون القانون ويخترقون الأنظمة، فيحتكرون الدواء ويغالون بقيمته وطز بالمرضى.. فالمقابر ترحب بالأموات.
الجريمة يا أخواني ليست في أصحاب الصيدليات، ولكن الجريمة يتحمل وزرها القائمون على وزارة الصحة، الذين تركوا الحبل على القارب للمتاجرين بالدواء، لكي يغالون بثمن الدواء وبدون حسيب أو رقيب.
لقد أصبحت مهنة الصيدلة في بلادنا مفتوحة أمام من هب ودب.. لدرجة أنني كنت أعرف صديق لي يعمل في بيع المفروشات ومع مرور فترة قصيرة من الزمن مررت من أمام محله، وإذا بكل شيء قد تغير وقد رفع لوحة طويلة عريضة كتب عليها "صيدلية ......"، فدفعني فضولي للدخول إليها بعد السلام عليه سألته ليش غيرت؟ فقال لي: يا أخي لقد نزل إلى عندي صاحب المستشفى الذي يقع فوق محلي وأقنعني بأن أحول محلي إلى صيدلية، خصوصاً وأن تجارة الأدوية مربحة وبنسبة 200%، فبعد الريال نحصل على خمسة ريالات.. وهكذا انتهى الحديث بيني وبين صديقي الفراش سابقاً والصيدلاني حالياً.. وخرجت من عنده أضرب أخماس في أسداس مذهول ومرعوب من الوضع المزري الذي وصل إليه حال الصحة في بلادنا!!.
إن الحديث عن تجاوزات أصحاب الصيدليات في بلادنا حديث يحتاج إلى مجلدات بالجملة ولا تتسع له صفحات صحيفتنا الغراء "أخبار اليوم"، فتجاوزات أصحاب الصيدليات قد ينذهل من هولها أبا جهل لو كان موجوداً في عصرنا؟!.
تجاوزات أصحاب الصيدليات في بلادنا تكمن في المغالاة بأسعار الدواء وبدون أي خوف من الله وبيع أدوية منتهية ومهربة ومقلدة ومزورة، بالإضافة إلى بيع المواد المخدرة كـ" الديزبم" والمسكرة كـ"الزبورت" وغيرها، فأين هي وزارة الصحة؟ وأين دورها في الإشراف على الصيدليات والحد من ظاهرة المغالاة في سعر العلاج.
مسك الختام:
نتمنى من الدكتور/ راصع –وزير الصحة- أن يبادر في إصدار قانون يحدد سعر الدواء مراعاة لظروف المرضى، وكذلك نتمنى الإشراف والرقابة على أصحاب الصيدليات، وإصدار قوانين صارمة وغرامات مالية كبيرة على كل من لا يلتزم.. والله الموفق.
محمد علي المقري
لماذا لا توجد رقابة على الصيدليات؟ 2712