قال تعالى " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباَ"، فالزواج عبادة وكما شرعه الله تعالى لعباده في الدنيا فهو ينعم به على أهل الجنة ولذا يقول ابن عابدين " ليس لنا عبادة شرعت من عهد آدم إلى الآن ثم تستمر في الجنة إلا النكاح" وبشرى لكل المحرومين " فليس في الجنة أعزب".
وينال المتزوج أجر كثير من الأمور منها عناء تربية الأولاد والقيام بالأعباء المنزلية وتحمل الأمانة وحتى اللقمة يضعها في فم امرأته، كما ينعم بالسكينة والراحة في الدنيا.
وقد رغب الإسلام في الزواج وحث عليه لأنه كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم "أغض للبصر وأحصن للفرج" وقال صلى الله عليه وسلم " ثلاثة حق على الله عونهم "احدهم والناكح يريد العفاف".
الحكم الشرعي للزواج:
قال النووي وهو يشرح حديث " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج" في هذا الحديث الأمر بالنكاح لمن استطاعه وتاقت إليه نفسه , وهذا مجمع عليه , لكنه عندنا وعند كافة العلماء أمر ندب لا إيجاب أما أيهما أفضل النكاح أم تركه فقال أصحابنا:
الناس فيه أربعة أقسام :
قسم تتوق إليه نفسه ويجد المؤن , فيستحب له النكاح , وقسم تتوق نفسه إليه ولا يجد المؤن وهذا مأمور بالصوم لدفع التوقان , وقسم يجد المؤن ولا تتوق إليه نفسه فمذهب الشافعي أن ترك النكاح لهذا والتخلي للعبادة أفضل ولا يقال النكاح مكروه , بل تركه أفضل.
وقسم لا يتوق ولا يجد المؤن فيكره له وأما قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم" فمن رغب عن سنتي فليس مني " فمعناه : من رغب عنها إعراضاً عنها غير معتقد على ما هي عليه" انتهى كلامه وربما يقصد بذلك من حرمه على نفسه ودعا إلى تركه والله تعالى اعلم ، ولكن البعض عَّقد الأمور و بالغ فيها حتى جعلوه نصف الدين فشعر كثير ممن حرموه لعلة مرض أو فقر أو عدم استطاعه نفسية كانت أو جسدية أنهم سيلقوا ربهم بنصف دين فعاشوا يائسين بائسين.
الزواج ليس نصف الدين:
يقول الدكتور عبدالعزيز العسالي في إجابته عن سؤالي الذي وجهته له قائلة: الزواج نصف دين ما معنى ذلك؟ وهل لهذا النصف شروط قبول كما للشطر الأول من الدين وإذا كان الزواج نصف الدين فما مصير ملايين العوانس وكل من مات دون زواج لعلة ما- هل يلقى الله تعالى بنصف دين؟
الجواب:
هذا الحديث أخرجه البيهقي من طرق عدة كلها ضعيفة , ولا ترتقي إلى درجة الحديث الحسن فضلاً عن رتبة الصحة وقد دأب الوعاظ على الاستشهاد به من باب الترغيب حتى ظن الناس انه صحيح.
من جهة ثانية نقول إن الاعتراض الوارد في السؤال اعتراض وجيه ومنطقي , إذ لو كان صادر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم فلن يكون الاعتراض بهذه القوة.
ثالثاً : كثير من العلماء بل النبيين يحيى وعيسى عليهما السلام لم يتزوجا وكذا كبار العلماء عبر التاريخ الإسلامي كالنووي وابن تيمية وغيرهم الكثير ، كما أن هذا الحديث جاء مصادماً لصريح القرآن الذي وصف يحيى انه سيداً وحصوراً , أي لم يتزوج " زهداً" لا عجزاً، كما قال اليهود وعليه إذا اتضح أن الحديث غير صحيح فلا داعي لبقية السؤال.
كانت هذه إجابة الأستاذ عبدالعزيز العسالي ومنه يتضح لنا عدم صحة هذا الحديث , ولكن من المعروف دينياً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن قال : وأنا اعتزل النساء ولا أتزوج أبداً من رغب عن سنتي فليس مني ولا رهبانية في الإسلام.
راعوا مشاعر الشباب:
ولا ادري لماذا يصر الخطباء والوعاظ على تكرار الخطب التي تحث وترغب الشباب في الزواج وشرح ما فيه من الفوائد والأضرار التي تصيب من لم يتزوج؟
وهل هناك من يرغب عن الزواج؟؟؟ وان وجد فهم قلة لا تذكر.
خطابكم أيها المشائخ والوعاظ كله موجه للعازفين عن الزواج والواقع يقول انه لا وجود لهذه الطائفة، فالكل راغب في الزواج هذه الأيام حتى الأطفال ولكن العين بصيرة واليد قصيرة ، هم يتشوقون ويحلمون بذلك اليوم الذي أصبح بالنسبة لكثير من الشباب مستحيل , وانتم بخطابكم هذا تزيدون الطين بله.
والأولى أن تصبروهم.
والأولى أن توجهوا خطابكم للآباء المغالين في المهور.
الأولى أن تخاطبوا رجال الأعمال الميسورين ليساعدوا الشباب ، أما تشوقهم فوق الشوق شوق ، بالله عليكم كيف سيكون حال الشباب وهم يسمعون العلماء والخطباء تزوجوا تزوجوا تزوجوا وهم لا يستطيعون لذلك سبيلا .
كيف سيكون حالهم وهم يسمعونكم ليل نهار ترددون:
"مسكين من لم يتزوج, ولا سعادة إلا في ظل بيت يجمعك بحيب , وستمضي حياتك هدر, والزواج نصف الدين؟
لابد أنهم سيكونون عرضة وفريسة لليأس والإحباط وربما قاد البعض من ضعاف النفوس للانتحار أو الإصابة بحالة نفسية.
يا سادتي قولوا لهم تصبروا واصبروا قولوا لهم كما قال صلى الله عليه وسلم فمن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء، قولوا لهم أن حرمانكم من الزواج أو تأخركم بلاء، إذا صبرتم ستؤجرون.
قولوا لهم إن الله تعالى قال " وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون" ولم يقل سبحانه ليتزوجون وبشروهم انه ليس في الجنة أعزب وان لك في الجنة زوجتان إذاً تفلت أحداهما في البحر الأجاج صار عسلا, وإذا مت شهيدا فان لك 72 زوجة وللعوانس من النساء أزواج لهم جمال يوسف عليه السلام وأخلاق محمد صلى الله عليه وسلم ولا خيانة ولا طلاق.
قالوا عن الزواج:
الزوج: رجل فقد حريته بحثاً عن السعادة.
الأعزب : هو الشخص الذي لا يجد من يعزيه عن الهموم التي كان سيصادفها لو انه تزوج.
العانس : امرأة ضاعت منها الفرصة لإشقاء أحد الرجال.
خاتم الزواج هو أغلى الخواتم في العالم لان صاحبه يظل يدفع ثمنه طوال حياته.
يقول الدكتور مصطفى السباعي:
من عجيب أمر المرأة أنها أقوى سلطاناً على الرجل وهي اضعف منه وأكثر تبرماً به وهي اظلم منه وأكثر وفاء له وهو اغدر منها والصق بأولادها منه وهم ينسبون إليه وأكثر تخريباً للبيت وهو اقل منها له سكنى وهي اقل منه عبادة وهو اضعف منها إيمانا.
مع تحياتي أنا أحلام القبيلي
وكيل آدم على ذريته
alkabily@hotmail.com
أحلام القبيلي
الزواج ليس نصف الدين (2) 3706