في كتاب الإسلامية للصف السابع تحديداً في السيرة هناك درس يتحدث عن ولاية البيت الحرام من قبل قبيلة "جرهم اليمنية"، فهذه الولاية ظلت لفترة طويلة في أيديهم، فلما أساؤوا إلى الحجاج الوافدين إلى مكة واستحلوا مال الكعبة وفسدوا في البيت الحرام سلط الله عليهم قبيلة خزاعة فانتزعت منهم الولاية.
هل لاحظت عزيزي القارئ أن وصفة الفساد وإهدار المال والعبث به موجودة في اليمنيين منذ القدم، فحتى الكعبة ومالها لم يسلما.. إذاً عندما نتحدث عن الفساد يجب أن نشير إلى أن الفساد ظاهرة قديمة في فحواها وحديثة في أساليبها حيث تعددت أساليب الفساد واتخذت أشكالاً مختلفة ومهما تعددت مكونات الفساد وأساليبه وأشكاله فإن نتائجه تصب في وعاء واحد، ألا وهو الهدر الاقتصادي للموارد والثروات وإذا لاحظت عزيزي القارئ ستجد أن الفساد لا ينتشر إلا لدى أصحاب الخدمة العامة، أي في المرافق الحكومية، ولا تقع إضراره إلا في البناء الاقتصادي للبلد من خلال هدر الموارد الاقتصادية أو خفض كفاءة الأداء الاقتصادي أو سوء توزيع الموارد بقصد تحقيق منافع شخصية مادية أو غير مادية على حساب المصلحة العامة.
ليعذرني القارئ الكريم إذا كنت قد أطلت في الكلمات الإنشائية والتي استخدمتها الآن من أجل توضيح مسألة مهمة، وهي أن الفساد قد اتجه أو بالأصح استشرى وتوسع حيث يعمل بعض موظفي الحكومة وبحكم وجودهم في السلطة على مساعدة البعض للتهرب من دفع الضريبة الجمركية، فهؤلاء الموظفون المختصون في تنفيذ القوانين الضريبية وتفسيرها وتطبيقها والمتمتعون بصلاحيات تجعلهم يضعون تقديراتهم بحجم الوعاء وتقدير الضريبة عليه وتقدير السماحات والإعفاءات ـ يمتلكون سلطة تقديرية يستخدمونها في زيادة مدخولاتهم عن طريق التواطؤ مع المتهربين مقابل ثمن بخس، الأمر الذي يشكل بيئة خصبة لتنامي الفساد، أي بمعنى استخدام المنصب العام لتحقيق منفعة شخصية.. وفي اعتقادي أن هذه الأعمال ناتجة عن تدني مستوى الأجور التي يتقاضاة أولئك الموظفون والتي لا تتماشى مع متطلبات الحياة، فضلاً عن وجود أفراد ينفقون ببذخ ولا يقيمون للمال وزناً، هذا من جعل المواطنين يشعرون بالاستياء فليجأون إلى عملية التواطؤ مع المتهربين لسد الفجوة الحاصلة في دخولهم.
إن منافذنا الحدودية بحاجة ماسة إلى تشديد الرقابة عليها، فعمليات الاستيراد والتصدير وإدخال السيارات في ظل تواجد من يتلاعب بالقوانين ـ لا تخدم المصلحة العامة بل مصلحة أفراد تخلوا عن الأمانة والأخلاق وأساؤوا استخدام سلطتهم الوظيفية ومثل هؤلاء يجب ردعهم، فلا أعلم لماذا لا يتم محاسبة كل فاسد ومتسبب في الفساد؟!!.
أتمنى ولو مرة إن اسمع عن تحقيقات تجري مع فاسدين!!!
يمكن في السنة الجديدة 2011م سيتم تحقيق الأماني والأحلام والله أعلم!!!.
كروان عبد الهادي الشرجبي
الفساد وصفة منذ القدم 1853