كان لدينا قديماً "مسجلة" ولم تكن بهيئتها الحالية، فقد كانت تختلف من كافة النواحي حتى "شريط الكاسيت" كان كبير الحجم، فأنا أتذكر جدياً هذه الآلة، بل أنها مطبوعة في ذاكرتي، فقد كان والدي رحمه الله شغوفاً بها وكان أكثر شغفاً بسماع الأغاني الوطنية، نعم الأغاني الوطنية "فحتى الثمانييات كانت الأغاني الوطنية القديمة تردد في بيتنا إلى أن احترق منزلنا الكائن بالتواهي والأغاني تلك لازلت أتذكرها وان كنت لا أحفظها، إلا أني عندما كنت أسمعها تردد في الإذاعة في أعيادنا الوطنية كنت أرددها، في الحقيقة كانت تعجبني كثيراً ولا أمل من الاستماع إليها، ومن هذه الأغاني الجميلة أغنية الفنان محمد مرشد ناجي "يوم عشرين الأغر" والفنان العطروش "بوس التراب" وأغنية "برع يا استعمار من أرض الأحرار"، وأغنية الفنان الموسيقار المبدع رحمه الله أحمد قاسم " يا عيدنا المخلد غرد"، قد لا تكون تلك العناوين الأساسية للأغاني ولكن كتبتها بحسب ذاكرتي، لا تتساءلوا فأنا تذكرت تلك الأغاني في يوم الثلاثين من نوفمبر، عيد الجلاء، لأني بصراحة افتقدتها ولم أعد أسمعها تردد "زي أيام زمان"!!.
ولنبقى في نفس الأجواء دون التحليق بعيداً، يلاحظ في بلادنا "اليمن" أن الفنان لا يأخذ حقه ولا يتم ذكره وتكريمه إلا بعد وفاته!! والواقع أن الاهتمام بالفنانين في بلادنا اليمن لا يتم إلا بعد فوات الأوان والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة عن حال الفنانين هو لماذا الانتظار حتى يذبل الفنان كي ننتبه إليه وإلى وجوده وإلى قيمته المعنوية؟!! لماذا الانتظار حتى يصاب الفنان المبدع سواءً كان شاعراً أو ممثلاً أو رساماً ومغنياً ـ بالمرض أو يموت "لا سمح الله " لكي نمنحه وساماً أو نقيم له حفلاً تكريمياً ثم نعود وننساه بعد انتهاء الحفل وبعد أن نكون قد اشبعناه خطباً طنانة ورنانة لا تسمن ولا تغني من جوع؟!!.
فكم من فنان مبدع رحل عنا واستفقنا بعد رحيلة لنعدد خصاله ومزياه ودورة الفتي العظيم وما أعطاه للناس وللوطن؟!! في حين أننا لم نسأل عنهم وعن حالهم في وقت كانوا فيه بأمس الحاجة إلى السؤال عنهم والوقوف إلى جانبهم!! فقد رحل محمد سعد عبدالله وأحمد قاسم وطه فارع ومحمد عبده الزيدي ولا ننسى المتميز المرحوم/ محمد صالح عزاني ـ رحل هؤلاء العملاقة ـ مخلفين وراءهم ثروة لا يستهان بها لهذا الوطن ومن تبقى منهم هل حصلوا على الرعاية والاهتمام والتكريم اللائق بهم مقابل الدور الذي قدموه في إثراء الأغنية اليمنية وتطويرها ، ليهنأوا بالتكريم والاحتفال بحياتهم، فهنا يأتي دور النقابة الفنية بأن تمنح الفنان العناية اللائقة.
ولا زلت في أجواء الفن والفنانين، واسمحوا لي أن أسألكم هل تشاهدون برنامج "نجم الخليج" الذي تم يبث من تلفزيون دبي مساء كل أحد؟ََ!! إذا لم تشاهدوه عليكم بمشاهدته، ففي هذا البرنامج الغنائي الجميل متسابق يمني من محافظة تعز يدعى فؤاد، فهذا المشترك يملك صوتاً جميلاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وقد أشاد به أعضاء اللجنة الكرام "عبدالله الرويشد، فايز السعيد، أنغام" وهذا شرف كبير لنا كيمنيين ولنا أن نفتخر بموهبة الإبداع الفني " فؤاد" وعلينا أن نشجعه وندعمه بإعطائه أصواتنا حتى يتم تتويجه بطل نجم الخليج، فيكفينا فخراً أن رفع اسم اليمن عالياً، وبشكل مشرف ولائق.
وأخيراً تحية احترام وإجلال لكل الفنانين المبدعين في اليمن وأتمنى أن يحظوا بالعناية اللائقة.
??
كروان عبد الهادي الشرجبي
الفنانون في ذاكرة النسيان 1842