هاهي أيام الفرح والاحتفالات والسعادة تعم اليمن الحبيب من أقصاه إلى أقصاه بدءً من عيد الأضحى ومروراً "بخليجي20" ثم عيد الاستقلال والذي يصادف الثلاثين من نوفمبر.. ولعل حدث "خليجي20" وفرحة الشعب اليمني بهذه الاستضافة الرائعة وكما نشاهد في التلفزيون من أماكن غربتنا لها وقع كبير على الكل.. حيث دلت دلالة واضحة بأن الشعب وصل إلى مرحلة من الضيق ويتمنى وجود مثل هذه الفعاليات لتكون متنفساً له أو كما يقال استراحة محارب ولا أعني هنا حرباً مسلحة وإنما أقصد حرب حياة , حرب بقاء , حرب لقمة عيش في ظل ظروف اقتصاديه قاهرة.
ولعل المتابع للحدث الأهم "خليجي20" يجد أن أهم ملامح نجاحها هو الحشد الجماهيري على الأرض والاهتمام الواسع على مستوى الجمهورية اليمنية وأبنائها وكل أبناء الخليج وبصورة منقطعة النظير.. حيث وأنها تعتبر من أنجح الدورات (لحد الآن ) جماهيريا والكل يشيد بذلك البعيد قبل القريب والضيف قبل المضيف والزائر قبل المقيم , وحتى ونحن نشاهد الأحداث من غربتنا توضح لنا العين كل هذا.
وهذه الإحداث مما كنا نراهن عليها نحن اليمانيون، على إنجاح البطولة وكان يراهن عليها الحاقدون الناقمون الحاسدون على فشلها فالشعب اليمني متذوق للمتعة محب للرياضة ومشجع من الطراز الرفيع لا مثيل له على الأقل في الوطن العربي.. فبرغم الظروف الاقتصادية وبعض الأحداث الأمنية إلا أن كل هذا لم يكن سوى هبة نسيم صباح على قوة وصلابة كل يمني محب للأرض والإنسان.
ولكن كل هذا وللأسف تلاشى أو بالأصح اغتيلت فرحته بأيدي منتخبنا الوطني والذي لم يعط هذا الحب والحشد الجماهيري ما يستحق أو أدنى ما يستحق.. فالكل حضر في الافتتاح ممنياً نفسه بأول فوز يمني في تاريخ البطولة.. ولكنه خرج بحصيلة وافرة من الأهداف على يد المنتخب السعودي الرديف (وليس الأساسي ) ثم بعد ذلك ومع أن مازال هناك بصيص أمل للمنتخب خلال بقية مشواره فكان الزحف الجماهيري باتجاه أبين الأبية لتشجيع المنتخب أمام نظيرة القطري، لعل وعسى أن يحققون فوزاً يسعدون به جماهير غفيرة حضرت من هنا وهناك وملأت أرجاء الأرض الكروية.. ولكن الحصيلة النهائية لم تتغير مع تغير في رقم النتيجة.. وتكبدنا هزيمة أخرى على أرضنا وبين جمهورنا، جعلنا أول المغادرين وبأسرع من البرق حيث ونحن المنتخب الوحيد الذي فقد كامل حظوظه للتأهل للدور المقبل في المجموعتين.
ولم يتبق لنا إلا مباراة الكويت والتي أكيد بدورها الكويت ستسعى جاهدة لحصد النقاط الثلاث لتتصدر المجموعة وتتحاشى ملاقاة الفريق العراقي الكبير في نصف النهائي.. وأكيد ستكون هزيمة ثالثة لنا لا يعلم قوامها إلا خالقنا , مما يعني أننا سنخرج من هذه البطولة خاليين الوفاض ولا حتى نقطة واحدة ليستمر مسمانا السابق (أبو نقطة).
فيا ترى ماهي الأسباب وراء ذلك؟! ألم يكن مبلغ (30 مليون دولار = 6 مليار يمني) كافٍ لتجهيز منتخب وطني قوي لمجاراة أشقائه في بطولة مصغرة من حيث المنتخبات كبيرة من حيث التاريخ؟!
"30" مليون دولار مبلغ ليس بالقليل لكي ينفق على منتخب لم يستطع جلب ولو حتى بسمة لملايين اليمنيين هنا وهناك في الداخل والخارج , 30مليون دولار مقابل هدف يتيم أحرزناه (فيا بخساة ويا عيباه ويا حسرتاه ) ولم يتبق إلا أن أقول (يا معتصماه !!) لأن فريقاً مثل منتخبنا لا ينفع معه إلا مثل المعتصم أو الحجاج , حيث وللعلم أن مدرب منتخبنا هو ثاني أغلى مدرب يتقاضى أجراً من مدربي البطولة (قبل مدربي السعودية والإمارات والبحرين وعمان والعراق ) ولا يفوقه إلا مدرب قطر.
وكم أحزنني عندما تواصلت مع أحد الأصدقاء في اليمن وخلال حديثي معه في نفس الموضوع "خليجي 20" ذكر لي أنه جلس مع رجل طاعن في العمر (تجاوز الثمانينات ) وتكلما معاً في نفس الموضوع وكانت علامة الحزن والضيق تكسوه من رأسه حتى أخمص قدميه بسبب خسارة منتخبنا المتتالية رغم أنه لا ناقة له ولا جمل في شيء أسمها (كرة القدم ) غير أن الحدث نفسه جعله وجعل كل الشعب اليمني صغيراً وكبيراً, طفلاً وعجوزاً, رجلاً وامرأة, فقيراً وغنياً, الكل بلا استثناء تشرأب أعناقهم ونظراتهم وجميع حواسهم للمنتخب وماذا سيقدم في هذه البطولة حيث وكل مسؤلي الكرة وعدونا قبل سنين بأننا سننافس في هذه البطولة ولكن الأمر لم يتغير على الإطلاق بل ازداد سوءاً، خاصة في موضوع الصرفيات الهائلة على المنتخب وتجهيزاته.
فإذا لم نستطع أن نقدم شيئاً في أرضنا وبين جماهيرنا ومع فرق من المنطقة فيعني ذلك أننا لن نفلح في كرة القدم مستقبلاً وعلى الإطلاق ولنترك هذه الرياضة ونهتم بالرياضة الأخرى التي لو أنفقنا عليها نصف أو حتى عشر ما ننفق على كرة القدم لجلبت الانجازات والسعادة لنا جميعا بدل من الحزن والبكاء الذي جلبته لنا كرة القدم والذي لم يستطع فريقه مجاراة فرق دول الخليج.
ونتمنى مجرد أمنية من منتخبنا الوطني المحترم أن يحقق شيئاً اليوم في مباراته الأخيرة أمام الكويت لأنه من بعد هذه المباراة سيبدأ في التسابق على المدرجات ليشاهد بقية المسابقة من كراسي المشجعين وكل لاعب سيتعصب لمنتخب وسيراهن عليه وسيحلل نقاط ضعف وقوة بقية الفرق وكأنه ميسي أو زعطان أو فلتان.
فيكفيكم يا منتخبنا الوطني إبكاءً للشعب!!، كفاكم وارحلوا غير مأسوف عليكم ولا نريد منكم قبل رحيلكم إلا نقطة واحدة لا غير من فم المنتخب الكويتي في آخر مباراة لكم (نقطه ولو جبر خاطر ).
Yusef_alhadree@hotmail.com