قد يظن القارئ للوهلة الأولى أن هناك خطأ مطبعي حيث والعادة جرت أن يقال ويكتب (من المحيط إلى الخليج ) كإشارة
للمحيط الجغرافي العربي , ولكني من هنا لن أعرج على المحيط العربي أجمع، بل سأكتفي بالحديث عن دول الجزيرة العربية
والتي تشكل منطقة جغرافية تبدأ من (خليج عدن) وتنتهي إلى (الخليج العربي ) , فتبدأ من الخليج وتنتهي إلى الخليج
حيث تحوي ثمان دول عربية ذات شأن كبير وعظيم .
وسأتحدث في كل يوم إن شاء الله عن مملكة أو دولة أو إمارة أو سلطنة ضمن هذه المنطقة الجغرافية والتي شاركت وتشارك
بفعالية العرس الخليجي (عدن2010)، سواء بفريقها الكروي أو قبل ذلك من قبل مسئوليها الرائعين والذين قالوا جميعا نعم
لليمن , نعم لاستضافتنا في كأس الخليج , قالوا نحن واثقون بقدرتكم باليمانيين لتنظيم هذه التظاهرة الخليجية المقدسة كرويا
لدينا , نحن واثقون بنجاحكم ولن نصغي أبدا لضعاف الأنفس والذين حاولوا ويحاولوا تشويه سمعة الأرض والإنسان اليمني.
فتحية حب واحترام وتقدير للجميع: ملوك وأمراء ومشائخ وسلاطين ورؤساء ومسئولين في كل البلدان الخليجية والعراق على
هذه الثقة الكبيرة والتي نعتز بها وإن شاء الله سنكون نحن اليمانيون جميعاً عند حسن الظن وحسن الضيافة والكرم , وإن شاء
الله سأبدأ في مقالي هذا أتكلم عن البداية الجغرافية للخليج قبل أن أصل إلى الخليج , فلنبدأ من البداية , خليج عدن, اليمن
السعيد , المضيف لهذه الدورة الخليجية , حاضن الأشقاء في بقعة جغرافية أدنى الجنوب للجزيرة العربية , الشعب
الكريم والمعروف عنه أجيال وأجيال.
فاليمن كعادتها منذ آلاف السنين أشتهر عن أهلها الطيبة والكرم وحسن الخلق والإتباع , فالمعروف عننا نحن اليمانيون أننا نتبع
أي دين جديد حق على مر التاريخ دون حرب أو قتال بل بالعقل , فبعد أن نستيقن بصحة هذا الدين ورسول الدين لا نبتغِ أبداً
الحروب والقتال بل نسلم للدين ونستسلم لرب الدين ونتعمق فيه، بل نصبح من طلائع المناصرين للدين ولرسول الدين ولعل أقرب
مثالين لهذا ( بلقيس ونبي الله سليمان ) ثم (بآذان ورسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ) وإن دل هذا
عن شيء فإنما يدل على صدق ما وصفنا به نبي هذه الأمة والعالم أجمع بقولة: ( ألين قلوب وأرق أفئدة ) واللين ما كان
في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.
فطبائعنا نحن اليمنيون منبثقة من تعاليم الدين الإسلامي والإنسانية السمحاء والفطرة السليمة , ففطرتنا المرتبطة بالدين الحنيف
أسست في نفوسنا جميعا حب الآخرين مهما اختلفت ديانتهم أو جنسيتهم أو لغتهم أو ألوانهم , شعب مضياف مرحب بكل نزيل
عنده متمتما ومنشدا أبيات الترحاب والضيافة , قائلا :-
يــــا يم خـلي عـنك كثر الشماتي/ هـذه سـوات من ارتكـــا للمواجيب
مــــا دام بيتي مــدهــل للبداتــي/ با أحطها تخطي المواجيب وتصيب
أفـــرح ليا جوني هل الموجفاتي/ وخـصوا علي ونــوخوا بالأطــانيب
وباأفعل الكــرمات طيلة حـياتي/ مع ذبـــحنا للضـان نبا نذبح الـــنيب
وترا الكرم من طيبات الصفاتي/ والبخل لوم وشوم وخصلة عذاريب
وكـم واحـد مثلي وسوا ســواتي/ لامــات من فقر ولا حـل به عـــيب
وعندما نشاهد هذه الطبيعة الإنسانية للإنسان اليمني ونقارنها بالحالة الاقتصادية له خاصة وللبلد عامة يستغرب كل المحللين
للمشهد فكيف يكون شعب حالته الاقتصادية متدهورة يكون عنده كل محاسن الأخلاق والكرم، متناسين في تحليلهم أن الإسلام
وتعاليمه أكبر زاد ومغنم وثروة لا يضاهيها غنى وثراء , فإذا استثنينا المفسدين والفاسدين والفساد في الدولة وأجهزتها فنجد أن
هناك بعض من الرجال القائمين على شئون الدولة متمثلين بالرأس لها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وأسلوبه وعلاقاته الوثيقة
بزعماء المنطقة والتي كان لها الدور الأسبق والأقوى في بقاء استضافتنا للدورة رغم كل المشاكل والتي حدثت وتحدث لنا ورغم
كيد الكائدين في الداخل والخارج وتخريب المخربين ودعم الخونة وترهيب الإرهابيين.
فبرغم كل هؤلاء وتخطيط كل هؤلاء إلا أن الله حق الحق وأزهق بلطفه وكرمه كيدهم أجمع ولعل حفل افتتاح الدورة كانت
كالرعد والبرق والصواعق على قلوب وأعين كل هؤلاء، سواء في مهجرهم في الخارج أو في حفرهم في الداخل وهم يشاهدون
رئيس الجمهورية يبارك ويفتتح البطولة.
فهذه هي اليمن وهؤلاء هم ساستها وهؤلاء هم شعبها الكريم المضياف وياليت شعري كيف ستكون شوارع عدن وأبين والبهجة
والسرور والفرح والسعادة وأنا أتخيل كل هذا وأنا في مهجري في بلاد الحرمين الشريفين والذي كنت أتمنى أن أقضي ولو
لحظات بسيطة بين جنبات بلادي الحبيب وهي تحتفي بهذه المناسبة وتكرم ضيوفها , ولكن عزائي الوحيد في كل إخواني
اليمنيين والذين هم أصل الحفاوة والاستقبال وبعيدا عن كل الانتماءات الحزبية والفكرية فنحن اليمانيون قادرون على إنجاح هذه
التظاهرة الكبيرة وبشهادة كل الأشقاء في الدول الشقيقة , وإن شاء الله سنتكلم في مقال الغد والذي بنفس العنوان: "من
الخليج إلى الخليج (2)" ـ عن دور المملكة العربية السعودية ممثلة في ملكها وأمرائها ومسئوليها الفعال والإيجابي والحبيب
في استمرار الدورة في اليمن كإمتداد للدور الايجابي للملكة في اليمن .
صباح الفرح الأسطوري يا عدن ..