((كثر الحديث هذه الأيام في الدول الأوروبية ذات الميول المسيحي عن المسلمين والحال الإسلامي والذين يسكنون دولها بشكل خاص وجميع المسلمين بشكل عام , فاستمروا في محاربته هنا وهناك بشتى الوسائل وبلا كلل أو ملل وذلك منذ سقوط الدولة الإسلامية العثمانية بداية القرن المنصرم وبعد أن استنتجوا تمام الاستنتاج بأن الاحتلال المسلح ليس بذي جدوى لمحو الهوية الإسلامية ومن ثم العربية، فكلما طال أمد الاحتلال المسلح لدولة عربية أو إسلامية كلما اشتد عود هذه الدولة واشتد بأس أبنائها وأشتد تمسكهم بدينهم وبثوابتهم العقائدية وبهويتهم الوطنية , فكان لزاماً عليها العمل باتجاه آخر ولزاما على هذه الأعمال أن تكون ذات جدوى ومنفعة ولو على المدى البعيد, فعدت العدة وخططت ونسقت ودرست وأرسلت واستقطبت وعملت كل شيء وبلا كلل أو ملل على أمل أن تفلح في كل ذلك , ومع كل ذلك وإنفاقها أموالاً طائلة واستنزافها رجال وعلماء وأفكار إلا أنها لم تفلح على الإطلاق في كل ذلك ولو بشكل نسبي من ذلك، مع ذلك لم تضع الراية وتستسلم بل استمرت واستفادت من أخطاء الماضي وتجاربها السابقة وخططها وكل شيء ومنها "الاتجاه الاقتصادي" حيث وإنها تعلم بأن المادة أساس الحياة، خاصة عندما تلاشى من قلوبهم وفكرهم حب الآخرة وكراهية الدنيا , فبدأت تزرع المشاكل والحروب هنا وهناك ومن نتائج هذه الصراعات انهيار الدولة اقتصادياً، فتسعى هذه الدول للتعلق بالدول الكبرى لتطعمها وتشربها وتنقذها من إفلاسها ليستمر حكمها للشعب لا لتطعم الشعب , ومن شروط هذه الدول الكبرى على الصغرى الفقيرة تارة تغيير المنهاج الدراسي وتارة محاربة الجهة المتدينة وتارة تغيير مسار المسجد وتارة وتارة وإلى غير هذه الأعمال لتجتث الهوية الإسلامية تدريجيا، لأن الاجتثاث السريع والقوي يؤلم وما يؤلم ينعكس بقوة إلى ردة فعل أعنف وهذا ما لاقته هذه الدول في السابق واستنتجت بأن التدرج في الأشياء هو الأنفع فبدأت في تجهيل الشباب تجهيلاً علمياً وتجهيلاً دينياً وتجهيلاً ثقافياً وتاريخياً وغير ذلك لتبقى الدول العربية في غباء مستمر ومن غباء إلى غباء أكثر ومن بعد إلى بعد أكثر من دينهم، حتى يصلون إلى أهدافهم ولو بعد حين، فهم ليسوا مستعجلين النتائج مادامهم في تدرج إيجابي ,ومع ذلك لم تكتف هذه الدول في هذا الشيء وبعد أن وجدت أن هناك قنوات تصحيحية إسلامية تنشر الدين ومعاملته وتسامحه وشروطه وأساسياته ووجدت بأن لها صدى كبير بين الشباب والشابات العرب المسلمين علمت يقيناً وبما لا يدع للشك بأن هذه القنوات ستهدم كل ما بنته خلال عشرات السنين في خراب الدين من قلوب العرب والمسلمين، فلزاما عليها إيقافها عند حدها وبالفعل وبكل بساطة رسالة إلى نظام محدد تأمره (ولا تطلب منه ) ويا أسفاه على الحال المأساوي لمن يتلقى الأمر الغربي بفعل شيء يخدم مصالحهم ويهدم مصالح الدين والإسلام .. يا أسفاه على الحال المخزي عندما يرفع هذا المسئول سماعة التلفون ليأمر ـ اقصد لينقل أمر الدول الغربية ـ في تنفيذ قرار محدد كإغلاق هذه القنوات أو تغيير منهاج محدد أو حذف آيات معينة أو....إلخ, يا آسفاة!، لم تكتف هذه الدول بهذا الشيء فاتجهت للمسلمين القاطنين على أراضيها لأنه كيف تنهى عن خلق في أرض بعيدة عنها وتنسى نفسها فهذا قمة العار والازدواجية في التعامل, كيف تسعى إلى نزع الحجاب عن المسلمات في الدول الإسلامية بيد أن هناك مسلمات تقطن أراضيها وهن يرتدين هذا الحجاب,لذا لزم عليها أن تبدأ بنفسها وتنهها عن غيها , فأصدرت قرارات وسنت قوانين في هذا الصدد ينتج عنه فرض نزع الحجاب لمن أرادت أن تتعلم في الجامعات الأوروبية أو أرادت حتى تمشي في طرقاتها، بحجة أن الدين عندهم منفصل عن الدولة وأن هذه القرارات ليست ذات صلة بالإسلام وإنما هذه أراضيهم ولهم الحق في سن قوانين خاصة بهم ومع ذلك لم نجد أي حركة من أي دولة عربية للتفاوض مع هذه الدول سواء بالسلم أو بالضغط الاقتصادي , وسنتكلم في مقال الغد إن شاء الله عن التضارب الكبير في الرؤية الأوروأمريكية في التعامل مع المسلمين كمواطنين في أراضيها والصمت العربي)).
يوسف الحاضري
الحل الغربي لمحو الهوية الإسلامية!(1) 1637