أنهى البرلمان مناقشته لنصوص مواد وأحكام مشروع قانون التأمين الصحي و الاجتماعي في ضوء تقرير لجنتي الصحة العامة والسكان والقوى العاملة والشؤون الاجتماعية وقد أكد وزير الصحة على أهمية أن تكون الجهة المؤمنة واحدة وممثلة بالصندوق الحكومي.
وهذا القانون عزيزي القارئ يهدف إلى ضمان حق المؤمن عليه من الموظفين في القطاع العام والمختلط والخاص في الحصول على خدمات رعاية طبية.
وبحسب القانون فإن تمويل التأمين الصحي والاجتماعي يتم من جهة العمل وبما لا يقل عن 6% من مرتب العامل بالإضافة إلى 5% من المرتب، وبناء عليه سيتم إنشاء صندوق التأمين الصحي ويتمتع بالصفة الاعتبارية وله ذمة مالية مستقلة ويخضع لإشراف الهيئة وتورد إليه اشتراكات التأمين المنصوص عليها في القانون.
جميل جداً أن تكون الصحة في متناول الجميع والأجمل أن يكون لدينا قانون للتأمين الصحي لأن أغلبية المواطنين يجدون صعوبة بالغة في توفير المبالغ المالية اللازمة للعلاج وإن الأغلبية العظمى من مواطني الجمهورية اليمنية يلجأون للاستدانة عندما تلم بهم حالة مرضية والتأمين الصحي إذا كان سيطبق كما هو متعارف عليه في كل دول العالم فإنه سيكون الحل الأمثل للكل سواء الموظف أو العامل البسيط.
ولكن ما يحدث منذ البداية لا يبشر بأي خير ولا يدعو للتفاؤل إطلاقاً!! لأن التأمين الصحي المراد تطبيقه هنا عمد إلى إغفال دور القطاع الخاص وأيضاً لم يترك حرية الاختيار للمواطن لأنه زج بالجميع إلى هذا الصندوق وكأن الموضوع لا يعنيهم!!.
فكلنا يعلم أن القطاع الخاص "في مجال العمل" بدأ ينتشر والأغلبية الآن يعملون لدى القطاع الخاص في كافة المحافظات والحكومة تعلم ذلك جيداً بل وهي من سعى إلى ذلك!!
وطالما أن القطاع الخاص الذي سعى من البداية إلى توظيف العمال وتكفل بهم يجب أن يكون الاستقطاع من قبل الشركة أو المؤسسة الخاصة الذي يعمل فيها الموظف أو العامل وهذا الأمر لن يحدث أي عراقيل، فالمؤسسات التأمينية الخاصة موجودة والمستشفيات الخاصة موجودة أيضاً وهذا الحل الأسلم والأمثل حتى لموظفي القطاع العام يجب أن يسأل قبل أن يستقطع من راتبه عن الجهة المؤمنة له.
وأنا أرى أن المؤسسات التأمينية الخاصة أفضل!! لأن الصندوق الخاص بالتأمين سيكون بأمان ولن يتم التلاعب به ولن يحتاج إلى تعزيز وبالتالي سيخدم المواطنين وسيعمل بشكل صحيح وسليم.
لأن بصراحة.. الصناديق الموجودة على أرض الواقع والمنشأة من أجل خدمة ا لمواطن لم تعمل يوماً لمصلحته.
وفي الحقيقة لو كان الغرض من إنشاء الصندوق خدمة المواطنين كان الأجدر بوزارة الصحة في البداية الالتفات إلى المستشفيات وتوفير كافة المستلزمات الطبية والإمكانيات اللازمة من أجل أن تعمل بشكل صحيح ولكن ما حدث أن المستشفيات تشكو من النقص في الإمكانيات الطبية والأدوات والمستلزمات الكفيلة بنشاط المستشفيات ولا أحد يسمع أو يرى موظفين يطالبون بحقوقهم ولا أحد يسمع أو يستجيب.. أدوية تسرف ومن مخازن وزارة الصحة وتباع في الأسواق الداخلية والخارجية، مرضى لا يجدون الأدوية في صيدليات المستشفى يستشرونها من خارجها لقاحات أنسولين لا تتوافر.. لقاحات فاسدة تعطى للأطفال.
ومع كل ذلك تتم المطالبة بأن يكون الصندوق حكومياً!! أيعلم الجميع ما معنى صندوق حكومي؟!! صندوق حكومي يعني فساداً.. نعم أعلم ماذا أقصد!! فالصندوق الحكومي هذا وقبل أن يتم إنشاؤه أصر وزير الصحة بارك الله فيه على أن يكون حكومياً وأيضاً أصر على عدم خضوعه لرقابة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة!!، مبرراً بقوله: إنه لا توجد في اليمن فئة متخصصة تعمل دراسات الاكتوارية ـ الاستباقية ـ لذا لا داعي أن يخضع المركز المالي لصندوق التأمين الصحي لرقابة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة" علماً بأن قانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يلزم الحكومة بالإطلاع على حسابات كل المؤسسات الحكومية بما فيها الصندوق!!
إلا تعتقدون أن صندوق التأمين الصحي الحكومي هو الفساد بعينه وكما يقول المثل الشعبي "اللي ما يشوف من الغربال يبقى أعمى".