في العدد رقم "2142" الصادر يوم الأربعاء من صحيفة "أخبار اليوم" لفت انتباهي خبر نشر في الصفحة الأولى منها وكان يحمل عنوان "البرلمان يقر حضور الحكومة السبت القادم لتقييم الأداء الحكومي لعام 2009م"، وقلت في قراره نفسي لابد وأن يكون البرلمان قد اتخذ إجراءات حازمة وصارمة إزاء الأحوال والأوضاع المزرية للبلاد ، ولكن يا فرحة ما تمت، فقد صورت لي مخيلتي أن ما بدأه النائب "صادق البعداني" سيؤدي إلى فتح نقاشات ولكن من الواضح أن ما طالب به النائب صادق لم يكن ذا أهمية كبرى أمام ما تم مناقشته في المجلس، لذا اكتفوا بأن تحضر الحكومة يوم السبت.

وبعد ذلك ناقشوا مسألة مهمة وخطيرة جداً ألا وهي "مسألة الزواج من أجانب إلى حيث أقرت الحكومة إحالة مقترح تشريعي يمنع وزير الداخلية صلاحية الإذن بالزواج من أجانب إلى مجلس النواب، إلا أنه لاقى رفضاً واسعاً من النواب الذين اعتبروا مثل هذا التشريع مخالفاً لدستور البلاد، وهناك من انسحب من النواب احتجاجاً على إقرار هذا البند، وهناك من أعتبر أن الفقرة المضافة على قانون الجنسية قد أوردت شروطاً مجحفة بحق من شملتهم الفقرة.

وأيضاً في عدد "2143" الصادر يوم أمس قرأت خبراً بعنوان "فيما الشعيبي يعد بتنفيذ المرحلة الثالثة من استراتيجية الأجور أمام البرلمان، الهتار يشكو من العجز في مواجهة التطرف ومطالبات بطرد الدكتور الأغبري الذي أكد على ضرورة نزع النقاب.

ومن أجل هذا الموضوع ثار جدلٌ واسعٍ وأبدى أعضاء البرلمان الموقر استيائهم الشديد من التصرفات التي أنتهجها الدكتور الأغبري وزير العدل ووصل بهم الأمر إلى المطالبة بطرده من البرلمان.

إذن من ذا الذي يزعم بأن البرلمان لا يعمل؟!! من تجرأ وألقى مثل هذه التهمة الباطلة على شفافية ومصداقية هذا المجلس؟!، رجاءً لا ترموا التهم هكذا جزافاً!! فها هو ذا المجلس الموقر يعمل بجدية بل ويناقش ويدين ويطالب بطرد وزير !! ياله من عمل شاق ومهم وملح في آن واحد!!.

الآن هل لاحظتم أعزائي القراء ماهي المواضيع التي يناقشها البرلمان والتي أهدر الوقت من أجلها؟! المشكلة أن ما تم مناقشته أمور لا تحتاج إلى مناقشة أصلاً، فمسألة منح وزير الداخلية صلاحية الإذن بالزواج من أجانب، أمر يجب المصادقة عليه دون نقاش لما لهذا الموضوع من أهمية، لأنه يحفظ الأمن القومي للجمهورية اليمنية.

أما فيما يتعلق بمسألة نزع النقاب بالنسبة للقاضيات، فهذا الأمر أيضاً لا يعد أمراً خطيراً أو حتى يشكل أي خطر لأمن البلاد.. ومع كل ذلك يحتدم بين النواب صراع عقيم وجدلٌ سقيم حول قضايا جزئية الهدف منها إشغال الرأي العام وصرفه عن قضاياه الملحة والرئيسية وهذا ما يحز في النفس حيث أن مجلس النواب "البرلمان الموقر" ترك أشياءً كثيرة وقضايا ملحة ومهمة جداً وراح يناقش أموراً لا تستحق كثيراً من المناقشة بل كان يتوجب عليه مناقشة مشروع الغاز المسال الفاشل واتفاقية توريد الغاز إلى الأسواق الأميركية والنظر في أحوال البلاد والانفلات الأمني الواضح في العديد من المحافظات والأسعار المرتفعة للمواد الغذائية وتسعيرة الكهرباء التي قصفت الظهور وأجهزت على ما تبقى واللقاحات الفاسدة التي تمنع تارة لعدم صلاحيتها وتعاد وتصرف تارة أخرى دون خوف أو خشية من الله لتعطى للأطفال!!.

هل سمعتم يوماً أن البرلمان يناقش وبجدية وبشراسة الأوضاع السيئة التي وصلت إليها محافظة عدن والحديدة وتعز والضالع..إلخ؟، هل حاولوا طرح الأسباب الرئيسية التي أدت إلى سوء الأحوال والأوضاع ؟! هل طالب أحدهم بحذف أو إلغاء أي قرار مجحف صدر بحق الشعب وطالب بطرد أي مسؤول متسبب بأي أذى للمواطنين؟!، وهل طالب البرلمان بمحاسبة وزير الصحة ومناقشته عن إصراره على تصدير الموت لأطفالنا الأبرياء؟!! ألا يعد هذا أمراً خطيراً لا يستحق التأجيل ويستحق كثيراً من الجدال والمناقشة.. أم أنا مخطئة في ذلك؟!.

فنحن نريد نقاشات ساخنة وجادة في أمور مهمة وخطيرة وفي قضايا ملحة تتعلق بالأوضاع المعيشية للمواطنين.. نقاشات هادفة وتحقيقات مهمة تعود بالنفع على كل أبناء الشعب.