لا تنشغل بالتفكير إلا بيومك الذي تعيش فيه ، فاجمع قواك في محاولة لحسن تصريف هذا اليوم في طاعة الله عز وجل، من زيارة المقبرة أو تشييع جنازة أو زيارة مريض، وأدِ للصلوات الخمس جماعة في المسجد ، فالمستقبل غيب بيد الله عز وجل ، ولا تجعل له كل همك إلى أن يأتي ثم تعامل معه تعامل العقلاء المتطلعين الحريصين كل الحرص على التقدم في شتى مناحي الحياة ، وحذاري أن تتخوف من المستقبل، ولكن إعمل له قدر المستطاع ، وحاذر أن يفتنوك ببعض ما أنزل الله عليك ، وامضي في طريق الحق ، وكن حمزة في تمثل أخلاقه ، وفي أنه سيد الشهداء ، وقل الحق ولو على نفسك ، وإياك وشهادة الزور وقول الزور ، فأنها من موجبات النار المحرقة في الآخرة ، وعالج قضاياك بعين بصيرة متأنية وخالط الناس على الرغم من أن كثرة المخالطة تقي القلب والفؤاد.
يومك يومك ، فما أنت إلا بضع أيام ، فإذا ذهب يومك ذهب عمرك ، فتخلق في هذا اليوم بأخلاق الخلفاء الراشدين ، وبأخلاق صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا تطلب الرقية وإنما إرقِ نفسك بنفسك تفز بدخولك الجنة مع سبعين ألف من الناس لم يطلبوا الرقية، كما أخبر بذلك النبي والرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة ، وأبلغ التسليم ، ولا تحقرن شيئاً من المعروف حتى أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق، ،وداوم على تلاوة القرآن الكريم وليكن لك ورد يومي على الأقل جزأين من القرآن الكريم ، وحافظ على ترديد أذكار الصباح والمساء الثابتة عن نبينا ورسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وانفق مما رزقك الله على المساكين والمحتاجين ، فإن الإنفاق مما رزقك الله سبحانه وتعالى من علامات الإيمان قال تعالى :"ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك على هدى من ربهم ، وأولئك هم المفلحون " فالإنفاق مما رزقنا الله من علامات الإيمان والتقوى .
فيومك يومك حاول فيه الإكثار من ذكر الله سبحاه وتعالى، وأكثر من ذكر ذي الجلال والإكرام ، وأكثر من ذكر يا حي يا قيوم فإن قلتها قبل الدعاء وجب على الله عز وجل الاستجابة لدعائك.
كما حاول في هذا اليوم أن تكون من الذاكرين لله والذاكرات، فسبح الله أطراف النهار ، وآناء الليل ولا تفتر ، فإن ذلك من علامات الإيمان وأحرص في يومك على التزود من معين الثقافة الإسلامية ، كأن تحضر محاضرة لأحد العلماء ،وأكثر من قول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وأقرأ في تاريخ الخلفاء الراشدين في مثل هذا اليوم ، وطالع الفقه والتوحيد ولا تنتصر لذاتك بل انتصر للحق ، وكن مع الحق من أي وعاء .
يومك يومك ، فاجلب السعادة في هذا اليوم لأهل بيتك، ولا تكلف نفسك ، فلو قدر الله سبحانه وتعالى وجود النقود في جيبك ، فقبل أن تشتري بها السجائر أو القات اعدل ، وادخل السرور إلى أهل بيتك ، واصطحب لهم بعض الفاكهة ،وبعض الحلوى ، وحاول أن توفر في ذلك اليوم بعضاً من المال إذا كنت ممن وسع الله لهم في الرزق تستعين به لمواجهة مرض أو نائبة من نائبات الزمن، ولا تفرح كثيراً فإن الله عز وجل لا يحب الفرحين ، وحاسب نفسك في مثل هذا اليوم قبل أن تحاسب ، وأفعل الخير، وأنفق ولا تخشى من رب السماء إقلال وحاول أن تروض نفسك على طاعة الله عز وجل، وأحسن كما أحسن الله إليك ، ولا تتبع سبيل الغاوين ، وأكثر من النوافل تكن أسعد الناس، وأمر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر وابتغي فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تهن أو تحزن .
يومك يومك ، فلا تنتظر الشكر والإطراء ومديح من أحد من الناس ، ولو جحدوا عطائك ما دام هناك رب الأرباب المقدر الذي لا يظلم أحداً من الناس، فاصنع المعروف ولا تنتظر الجزاء والثواب من أحد، وكن مؤثراً في حيك وشارعك ومدينتك وقريتك، وتودد على الناس، واطفأ نار العداوة ، وارض بما قسم الله لك في هذا اليوم من الرزق ، وشاور نظرائك في الأمر، وأجزل العطاء لمن خدمك ، وكن أنفع الناس ، فالمؤمن كالمطر أينما وقع نفع، فأسعى في قضاء حوائج الناس ، فالعباس بن عبد المطلب كان يترك الاعتكاف ويسعى في قضاء حوائج الناس، وتريث في أمرك كله ولا تعجل، فإن العجالة من الشيطان ، واطمأن إلى الحق ،واستمد منه نوراً فوق نور، وإياك والاختلاط إلا لشيء قد فرض عليك في العمل من رؤسائك ، فاختلط مع زميلاتك في العمل بالتي هي أحسن ، ولا تغبط أحداً من الناس، ولا تمشي بين الناس بالنميمة ، وإلى لقاء يتجدد والله الموفق والمسدد.