من المؤلم أن نعيش تحت سماء ملوثة وفوق شوارع غير نظيفة وفي مدن تجتث منها الأشجار وتطهر فيها المساحات الخضراء، لعلنا من خلال ذلك لم يكن قصدنا أساساً التناول الموسع لمشاكل البيئة اليمنية إذ أن ذلك يراجع في مظانه، ولكني أهدف من خلال ذلك إلى تأييد الأصوات المنادية بحماية البيئة حتى نستشعر المشاكل التي يمكن تجنبها، الحضارة ممثلة بالإنسان والأوطان بحاجة إلى رعاية وبناء مؤسسات لحماية البيئة وصولاً إلى تحقيق الأمن البيئي، المشاكل التي يمكن أن تجنيها الحضارة ممثلة بالإنسان والحياة بجميع مظاهرها.
وفي بلادنا اليمن تحديداً هناك أكثر من مشكلة بيئية فيما يتعلق بنقص الموارد واستنزافها وكذلك مشكلة تلوث الماء والهواء والتربة بسبب تراجع العطاء النباتي ومشاكل التصحر وغيرها، ومن أجل الخروج بآليات وحلول سليمة لحماية بيئتنا يجب أن توجد أولاً العزيمة لدينا والإرادة والإيمان بأهمية الحفاظ على البيئة بشتى مظاهرها، ثم ضرورة وجود أجهزة معنية فاعلة لحماية البيئة مستندة على قوانين صارمة وجادة للحيلولة دون تفاقم المشاكل البيئية ومعالجة آثارها والتنبه لها قبل وقوعها، إذ أن تصرف الإنسان اليمني تجاه بيئته يجعله كمن يمسك منشاراً ليقطع به فرع الشجرة الذي يتعلق به، وقد بدأ العالم بأسره يتنبه لمشاكل البيئة، وعقدت الكثير من المؤتمرات والقمم لمناقشة قضايا البيئة وسُن الكثير من القوانين واللوائح والمراسيم التي تنظم البيئة، لكن علينا أولاً قبل سن القوانين علينا أن ننشر الوعي البيئي في أوساط المجتمع عبر أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والمقروئة وصولاً لتحقيق الأهداف وقطف الثمار. إن الوعي المرتفع بأهمية الأمن البيئي يساهم إلى حد كبير في الحفاظ على البيئة ويمكن لنا أن نكرس الوعي البيئي وتشره في أوساط المجتمع عبر وسائل الإعلام ومناهج التربية والتعليم ومن خلال الندوات وورش العمل وحلقات النقاش، أظن أننا بحاجة إلى وجود علم نفس بيئي ليحدد لنا الداء الكامن في نفوسنا لنحدث ثقافة عالية حول البيئة وما يترتب عليها سلباً وإيجاباً، ولذلك علينا أن نرفع شعار الأمن البيئي وأن نبدأ في مكافحة التلوث عن طريق تفاعل الجهود المختلفة من قبل الجهات المعنية عبر الصحة والجامعات والمدارس والمساجد،وعندما توجد النية السليمة والوعي اللازم فكل جهة ستعرف مهمتها والإدارات المنوطة بها، إننا نحلم في هذا الوطن أن نشرب ماءاً نقياً ونتنفس الهواء النقي، وأن ننام في طمأنينة، وأن ندفع من صحتنا أقل قدر ممكن كضريبة لمستحدثات العصر ومتطلبات الحياة الحديثة.
إننا بحاجة للياقة النفس السليمة أكثر من حاجتنا لصراخ، فنلاحظ هذه الأيام وفي شهر الصيام الباعة المتجولين يبيعون المأكولات على الأرصفة مثل السنبوسة والعصائر والمقليات هذا المنظر يتطلب منا إعادة النظر والتوجيه بما ينمي الوعي الصحي في أوساط المجتمع، فبسبب ذلك يحدث التلوث وتمتلئ المستشفيات بالمرضى وبدلاً ما يكون رمضان شهراً للتقشف أصبح شهراً للبذح والتبذر والإسراف في تناول الأغذية.