الآن وفي هذا الوقت الذي يستقبل المسلمون في كل بقاع الأرض شهر رمضان الكريم، شهر الإيمان والاستغفار وشهر التكفير والتطهير والعبادة.
في هذا الشهر الذي نحتاج إليه أكثر من حاجته لنا، في هذا الشهر والذي يأتي أيضاً ليمسح من النفس غبار هذا العصر، والذي أصبح لا يرى إلا بعين واحدة، هي عين المادة المنطلقة من إمرة النفس "وأن النفس لإمارة بالسوء" صدق الله العظيم.
وحتى لا تتغلب علينا نزعات النفس، وحتى لا تسيطر فينا نزعات شهواتنا ورغباتنا، وتقضي على جمال وصفاء وطهارة الروح، جاء رمضان معيناً لنا كضرورة روحية يجدد بالإيمان جمال الإنسانية، ويغذي أحاسيسنا بجمال الخير ويزرع في أرواحنا وفي نفوسنا حب الخير والسعادة ومن أجل الوصول إلى هذا الشعور علينا أن لا نعتقد بأن الزيادة في العبادة والصلاة في هذا الشهر هما الأساس الذي قد يتبنى رضى الله وأجره، بل إن التكفير عن ذنوبنا وتطهير نفوسنا هما الأساس الذي يدعونا الله إليه في هذا الشهر الكريم، والذي فرض فيه الله عز وجل الركن الثالث من أركان الدين الإسلامي وهو الزكاة، لذلك ومن أجل تحقيق الأبعاد الصحيحة لفرض الزكاة علينا أن نفهم أن الدين الإسلامي هو في الأساس دين إنساني جاء من أجل الإنسان على أساس يكفل حماية وتأمين قدسية الإنسان، وبناء على ما أشرت إليه أود أن أذكر بهذا حديث المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام والقائل: "والله لا يؤمن أحدكم إذا بات شعبان وجاره جائع" صدق رسول الله.
وعلينا أن ندرك أن مضمون الرسالة الإسلامية تتلخص دعوتها في الأساسيات التالية:
الأساس الأول: التوحيد وعبادة الله الواحد.
الأساس الثاني: التحلي بمكارم الأخلاق قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: "إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق".
والأساس الثالث: التراحم والتعاون والتآزر من أجل تحقيق العدل.
ومن أجل التكفير عن ذنوبنا وتطهير أنفسنا فإن الواجب الديني والأخلاقي والإنساني يفرض علينا نحن المسلمين التعاون مع المحتاج، فمن غير المعقول أن يجوع إنسان في مجتمع إسلامي فما بالكم لو جاع مسلم في مجتمعه.