صالح عوض
اربع سنوات انقضت على بداية العدوان الامريكي على العراق..في مثل هذا الشهر كانت الاف الاطنان من المتفجرات تسقط على راس بغداد في قصف متواصل محمل بانواع الاسلحة المحرمة دوليا..كان العراقيون رجالا في مواجهة حهنم امريكا وحلفائها وكانوا يعرفون ان امريكا تستهدفهم لانهم قلعة الامة الاكثر عنفوانا واقتدارا ونخوة.. فسطروا صفحات من البطولة الفائقة رغم الحصار الشامل الذي استمر عليهم اكثر من عشر سنوات قبل العدوان..وكان ضمير كله العالم يصرخ :لا للعدوان. ولكن صرخات ملايين الشرفاء في اوروبا واسيا وافريقيا وامريكيا ضاعت في اتون ضجيج اليات الحرب والعدوان..ووقف النظام العربي على اصابع قدميه ينتظر الجولة القادمة السريعة التي ستطيح بالدول العربية الواحدة تلو الاخرى.اربع سنوات دفعنا فيها تضحيات جسيمة ملايين المشردين وملايين الايتام وملايين الارامل وملايين الشهداء وعشرات الاف من العلماء وكبار الضباط والطيارين وتدمير مؤسسات البلد وبنيته التحتية والعبث بمقدراته ونسيجه الاجتماعي واحداث فوضى عارمة في كل مفاصل المجتمع وشهدنا فيها كيف يقاد رئيس دولة عربي من قبل المحتلين والخونة الى حبال المشنقة على مراى ومسمع من الحكام العرب..ودفعنا خلالها كذلك من سمعتنا وكرامتنا الشئ الكثير عندما انكشف الامر عن تواطؤ عربي رسمي واسع اسهم بشكل مباشر في الحرب الامريكية على العراق لتدميره واخراجه من مسرح الحياة.ولكنها أيضا سنوات أربع من القتل في الجيش الأمريكي ، وإشغال أعظم دولة في العالم بحرب أفقدتها القدرة على مواصلة تنفيذ خطتها الإستراتيجية العدوانية في المنطقة والعالم ، أربع سنوات من النزف لسمعة الجيش الأمريكي والمؤسسة الأمريكية ونزف للخزينة المضطربة و تدهور اقتصاد الدولة الطاغوت إلى الدرجة التي أصبحت نذر الانهيارات تضرب في رؤوس أصحاب القرار في إمبراطورية الشر.. أربع سنوات هن التأسيس الحقيقي والفاعل لتصدع الإرادة والوعي الأمريكيين..فيهن انهار الحلف الأمريكي الغربي وانسحبت دول من جبهة الحرب مثل اسبانيا وايطاليا واستراليا وبريطانيا ليظل الجندي الأمريكي موشحا بالخزي والجريمة.إننا بعد أربع سنوات نرى الأمور أكثر وضوحا..استطاعت المقاومة العراقية الباسلة أن تحدث ضربة الإيقاف الاستراتيجي للهجوم الهمجي الصليبي وكسرت حدته ولم يعد بإمكانه إن يتوغل في أراضي الأمة..وقاتلت العدو وحيدة وأنزلت به خسارة سيكون لها الأثر البالغ في مستقبل العلاقات الدولية وترتيب الخريطة السياسية للمنطقة..إن تكلفة الاستعمار الأمريكي باهظة رغم إن العرب لم يشتركوا في الحرب بعد ..وان حرب العراق أصبحت اليوم هي صاحبة القرار في المجتمع الأمريكي اقتصاديا وسياسيا وسيؤرخ الأمريكيون والعالم بها على اعتبار أنها فاصلة بين مرحلتين تاريخيتين على مستوى الأوضاع السياسية والعلاقات الدولية.
