مؤتمر القمة العربية المقرر عقده في دمشق، بات على مسافة شهر. المداولات الجارية حوله، ضبابية في أحسن أحوالها. الدعوة لحضورها، لم تكتمل بعد. الإشارات متضاربة، تتطاير حولها، من كل صوب. كلها تتقاطع عند الانسداد الذي بلغته الأزمة اللبنانية.
الاعتقاد السائد أن كل الاحتمالات واردة، من انعقاد كامل أو منقوص أو بمستويات مختلفة؛ أو تأجيل. على الأقل هذا ما يوحي به الأخذ والرد، الدائرين بصدد القمة. وكأن هذه الأخيرة صارت متأثرة بالوضع اللبناني وما ستؤول إليه أموره المعروفة. الخشية أنه ليس هناك، حتى الآن، ما يشير إلى وجود ضوء في نهاية الأفق اللبناني. المبادرة العربية تعثرت، مرة أخرى، في بيروت.
أمس الأول غادر الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، العاصمة اللبنانية؛ من دون أن يقوى على تمريرها. واجه بعد ثلاث زيارات لبيروت بخصوصها، عقبات؛ تعذر التغلب عليها.
المطالب والمقاربات، بشأن التركيبة الحكومية، كمدخل لانتخاب رئيس لبناني جديد؛ ما زالت غير قابلة للتوفيق بينها؛ على حدّ ما أوحى به كلام الأمين العام، في مؤتمره الصحفي قبل مغادرته بيروت.
المقلق أكثر أنه،خلافاً للمرات السابقة؛ لم يحدد موعداً، ولو تقريبيا، لعودته إلى لبنان. فقط أشار إلى أن الملف سيبقى موضع متابعة. واضح، على ما يبدو، بأن الأمر بات في طريقه إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب، المقرر حصوله في الثالث من الشهر القادم؛ والموكول إليه التمهيد للقمة ووضع جدول أعمالها. يعني ردّه إلى مصدره.
وهو موعد دقيق وربما حاسم، فيما يتعلق بالقمة. النقطة الايجابية الوحيدة، إذا جاز التعبير، التي تمخضت عنها لقاءات الأمين العام الأخيرة، كانت في اتفاق المتحاورين اللبنانيين على «استمرار التواصل» في الحدود اللازمة لعدم حصول أي تصعيد. اتفاق على «فراق حبّي»، كما وصفته أوساط لبنانية.
أو على أساس «أننا لا نريد أن نخرب البلد»، على حدّ ما نسب إلى أحد المتحاورين قوله؛ في نهاية الجلسة. كلام لا شك أنه يساعد في تلطيف الأجواء. في أقله يوقف من ارتفاع درجة حرارتها. ولو إلى حين. ربما اقتراب موعد القمة يساعد في حلحلة التعقيدات؛ بحيث يتحقق الاختراق المنشود.
لا جدال أن انعقاد القمة في موعدها، أمر هام وضروري. كذلك هو أمر مستوى وشمولية المشاركة، فيها. أولاً للحفاظ على استمرارية ودورية هذا اللقاء؛ بعد أن تحول إلى مؤسسة عربية، قائمة بذاتها. ثانياً كي تبقى القمة البيت العربي الأول والجامع الذي تلجأ إليه الأمة للتداول في أمورها الكبيرة وفي التحديات التي تواجهها.
وما أكثرها في هذه المرحلة؛ وما أكثر تهديداتها. في ذات الوقت صار من الضروري، بل من الأهمية الملحّة والعاجلة؛ حسم الأمر وطي صفحة الأزمة اللبنانية؛ وبأسرع ما يكون.
مصلحة العرب والقمة ولبنان تقتضي ذلك. وإذا كانت المبادرة العربية المطروحة هي السبيل والخيار الصالح كأداة تعويم؛ بعد أن قبل بها الجميع؛ فإن مسارعة كافة الأطراف اللبنانية إلى الالتحاق بمركب الخلاص هذا؛ باتت خطوة لا تقبل التأجيل. فأزمتهم في قمتها. وعليهم النزول منها قبل قمة دمشق، رحمة بلبنانهم وحماية للقمة العربية من الارتباك.