;
حسين الصادر
حسين الصادر

على ضفاف السد مرة أخرى 234

2024-09-01 02:35:26

عند الكتابة عن سد مأرب يختلط الماضي بالحاضر ويسرح بك الخيال بعيد إلى البدايات التي يختلط فيها الواقع بالأسطورة في واحدة من أقدم الحضارات على وجه البسيطة..

shape3

إلا أن هناك حقائق لا يمكن تجاوزها، وهو أن سد مأرب ولد كفكرة قبل الالاف السنيين فكرة أوجدتها الحاجة ودعم وجود تطويرها خلال أكثر من ألف عام فائض مالي ورفاه اقتصادي تطور من عرم بسيط يحفظ قدر معقول من المياه لحاجة القوافل التجارية القادمة من الشرق وتحديداً من ساحل شبوه متجهة صوب الشمال، وظلت فكرة العرم البسيط تتطور حتى وصلت نهاية المطاف إلى واحد من أحدث أنظمة الري في حضارات شرق المتوسط ومع كل ما يقوله المختصون في الآثار والتاريخ القديم عموماً ، إلا أن هناك شبه إجماع أن تلك الحضارة لازالت مدفونة تحت الرمال ولم يماط اللثام عن الكثير من أسرارها.

إلا أن أهم ما يربط الماضي بالحاضر هو الفكرة والندرة

فكرة بناء السد في تلك العصور البعيدة في سجل التاريخ كانت فكرة عملاقة وغير مسبوقة وكان للطبيعة الصحراوية الجافة دور رئيسي في الهام الناس في تلك الأزمنة السحيقة لفكرة بناء سد مأرب.. ومثلما كانت الفكرة صالحة عبر العصور كانت ندرة وجود مصدر مستدام للماء مازلت قائمة في الماضي والحاضر والمستقبل.

 في أحيان كثيرة تفرض الجغرافيا منطقها وهي تتأبط التاريخ بكل تفاصيله واعتقد أن هذه المنطق التاريخي الجغرافي ينطبق على سد مأرب.. ..

 ومثلما قلنا تستمد الفكرة من الندرة، الندرة التي كانت مصدر إلهام.

 تجسدت الفكرة من جديد في خيال الناس وأنبعثت الفكرة من جديد بتشييد سد مأرب بعد 1500 سنة من الاندثار وتحديداً في منتصف الثمانينات من القرن الماضي.... حينها كانت تمر البلاد بفترة جفاف شديدة أستمر لعقود. .

ونتيجة الجفاف لم يكتب للسد أن يصل إلى كامل طاقته الاستيعابية إلا مرتين أول مرة في العام 1996م ومرة أخرى في العام 2020م حيث فاض السد لأول مرة من المنسح التاريخي في منطقة حديرجان، وهنا نلاحظ تشابك الماضي بالحاضر حيث ظلت فكرة المنسح قائمة عند الشركات التي نفذت بناء السد كما كانت عند القدماء وهذا يوضح نقطة هامة أن القدماء استخدموا تقنيات وحسابات دقيقة...

نعود إلى " الندرة " أن قدرة السد الاستيعابية هي 400 مليون متر مكعب ويشكل هذا الحجم من المياه بحيرة مياه عذبة محدودة الحجم في وسط صحراء قاحلة، وتظهر الأرقام محدودية هذه الكمية أنها تساوي استهلاك مصر من مياه النيل حوالي يومين أو ثلاث على الأكثر وفي أفضل الأحوال تمثل 1% من استهلاك مصر المائي من النيل والذي يبلغ 55 مليار متر مكعب في العام.

اذًا قيمة سد مأرب ليست الكم بالتأكيد وإنما الندرة.

إن الندرة في الغالب تقتضي أقصى درجات الاستخدام الأفضل.

 من المؤكد أن هناك دراسات لدى جهات عديدة وخاصة جهة الاختصاص مثل الهيئة العامة لتطوير المناطق الشرقية سابقاً أو مكتب الزراعة الحالي أو جهات مركزية ولا اعرف ما إذا كانت سلطة مأرب تحتفظ بها أو اطلعت عليها. أو عدم وجود مثل هذه الدراسات التي تتعلق بالاستخدام المثالي...

في سنوات الصراع الأخيرة 2015م. 2022م. كانت منطقة سد مأرب وأثارها التاريخية ضمن منطقة التماس وخطوط النار ومع ذلك، لم يحدث مكروه للسد الحالي كما ظلت الآثار القديمة سليمة..

وفي ظل تغييرات مناخية مبشرة بالخير بدأت ملامحها تتضح ملامحها على الخارطة اليمنية، يقتضي الحال إعادة النظر في بحيرة سد مأرب شريطة أن تعتمد إعادة النظر هذه على دراسات أحوال المناخ المستقبلية والاستعانة بخبرات علمية دقيقة.

مضاف إلى ذلك دراسات خاصة بكيفية الوصول إلى الاستخدام الأمثل للمياه المحدودة والنادرة.

وإذا كانت التنبؤات تشير إلى تغيرات مناخية من المحتمل أن تكون لها تأثير مباشر على كميات السقوط المطري حيث تذهب بعض التقديرات إلى أن اليمن سوف يكون في وضع شبيه أو مقارب للبلدان الواقعة ضمن خط الاستواء..

يقابل هذه التنبؤات تغير ديمجرافي بالنسبة لحجم سكان مأرب على الأرض حيث تشير تقديرات رسمية أن عدد السكان تضاعف في المحافظة نتيجة للصراع ما بين أربع إلى خمس مرات.

والذي يقدر حسب التقديرات الرسمية بثلاثة مليون نسمة.

وهذا يعني أن التغيرات المناخية المحتملة لا تعني أن الندرة المائية سوق تزول وان الوصول إلى حالة الأمن المائي محلياً ستظل قائمة لكتلة سكانية قد تبلغ على الأقل أربعة ملايين نسمة بحلول 2030 م. وبحيرة سد مأرب هي المصدر الوحيد للتأمين الحاجة المائية لهذه الكتلة البشرية مضاف إلى ذلك التوسع في المجال الزراعي والذي شهد نمو واضح خلال العقد الماضي.

وهذا يعني أن الحاجة ستظل قائمة لضرورة دراسات رصينة للوضع المائي وعلى رأس هذه الدراسة. بحيرة سد مأرب.

وبما أن حدة الصراع ومستقبله يكتنفه الغموض قد لا يسمح أن تكون مثل هذه الدراسات في أولويات السلطة.

لكن بالمقابل هناك العديد من المنظمات والبرامج التي تعمل في المحافظة وبعضها يدعي أن لديه أنشطة تتعلق بالمناخ والبيئة.

إن ما يمكن للسلطة المحلية فعله هو تقديم هذا الملف كأولوية لدى المانحين بشكل عام. ......

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد