العدو الصهيوني محيط بقطاع غزة من الحدود الشرقية والشمالية، ومنذ كنا أطفالًا ونحن نرى المستوطنات عن بُعد دون أن نُقدِّر أنَّا يومًا دخلوها إلا ما يكون من الوعد الإلهي بنصر عباده المؤمنين.
وكثيرًا جدًّا ما كنت أقف على مقربةٍ من الحدود وربما رأيت آليات العدو وهي تتحرك وأنا أرتل قول الله في خواتيم آل عمران: {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد، متاعٌ قليل..}.
ومع تطور المدافعة بيننا وبين العدو ودخول سلاح الأنفاق الهجومية التي تخترق الحدود لتنفيذ عمليات خلف خطوط العدو صار شغل العدو الشاغل إبطال هذا السلاح الفتَّاك، حتى صرح نتنياهو يومًا بأنهم عقدوا 85 اجتماعًا لمدارسة خطط دفعه وإبطال مفعوله.
وقبل عدة سنوات وجدوا أنفسهم مضطرين لبناء جدار يمتد في الأرض نحو من 60 مترًا بحيث يسحق جميع الأنفاق أيًّا كان عمقها، وبهذا يتخلص من أحد أقوى أسلحة المقاومة.
وبالفعل تعاقدوا مع شركات كبرى وبدأ العمل به من سنوات، وتكلفوا بسببه بضعة مليارات في عمل جنوني من جهة التكلفة، لكن العقلية الصهيونية عقلية جُدر كما قال الله: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} [الحشر: 14] إلى أن انتهوا منه قبل نحو عام.
من تلك السنوات بدأ العقل الجهادي الغزي يفكر ويدبر كيف يتجاوز هذا الكابوس الذي قد ينسف جهود السنوات من مرابطـة الليل وإعداد النهار.
فأصبحنا اليوم على نتيجة هذا التفكير والتدبير:
أصبحنا على طائرات شراعية تحمل المجاهد جوًّا ويمضي بها حيث يريد.
في الوقت الذي يتم فيه اختراق الحدود بجيبات ودراجات نارية تجوب المستوطنات وتقتحم موقعًا تلو آخر تثخن في الذين كفروا.
وهذا كله وسط غارة صاروخــية لم نعهد بمثلها من قبل، بقي الضرب على مسامعنا نحوًا من أربعين دقيقة، ليقف الرقم عند 5000 صاروخ في زلزال عسكري متكامل كان العدو كثيرًا ما يتخوف حدوثه!
ثم جاءت الأخبار بأن هناك ما لا يقل عن 300 مجاهد هناك في الداخل؛ ليس خلف الخطوط فحسب؛ بل إنهم يجوسون ديار الذين كفروا ليُسيؤوا وجوههم، ثم أتبعوا بقوة مجـاهـدة تزيد عن ألف مجاهد في مشهد لا أحسبه حصل منذ الاحتلال الصهيـوني على أرض فلسطين!
والعدو الذي لا يعترف من كل مائة جندي يقتلون إلا بواحد أو اثنين أو بضعة جنود اعترف حتى اللحظة بـ 250 قتيلا، وأكثر من 1100 جريح، وبعض القتلى من قادته.
وبحكم أن تحرير الأسـرى من أبرز أهداف هذه العملية لتوقيف نزيف العذاب الذي يتعرض له إخواننا وأبطالنا في السجون.. فقد تم أسر العشرات من الجنود، وبعضهم من القادة كما جاءت التصريحات بذلك.
وبذلك جاس مجـاهـدونا حدودنا الشرقية وحدودنا الشمالية، وتم احتلال معبر إيرز بؤرة الذل التي يُساوَم فيها أبناؤنا ليكونوا عملاء حين يمرون للعلاج أو للعمل في الداخل.
وهذا الحدث المزلزل واضح أنه نزل كالصاعقة على العدو حتى عطَّل منهم مواضع التفكير والتقدير في صدمةٍ لا يعرفون معها حراكًا؛ فالعدو الذي يضرب بشكل آلي إذا به تمر عليه سبع ساعات قبل أن يبدأ في الرد، لا يقدر أحد منهم أن يفهم المشهد لا من الحكومة ولا من المعارضة!
ومن المستطرف أن بعض العوام دخل المستوطنات على إثر المجاهدين وأخذوا ما شاؤوا من بعض الأمتعة.
والعدو الآن يتوجه خطابه للحديث عن حرب برية ضخمة يشنها على غزة.
فاللهم اقذف الرعب في قلوبهم، وأبطل كيدهم وأحبط مكرهم.
اللهم بك نستنصر فانصرنا، بك نستغيث فأغثنا، بك نستعز فأعزنا، عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك.
اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
والحمد لله رب العالمين.
في أول أيام معركة طوفان الأقصى 22-3-1445 هـ الموافق 7-10-2023