قيل وسيقال عن 26 سبتمبر1962 الكثير والكثير، بين محب وجاحد لهذا الحدث الفارق بتاريخ اليمن، سبتمبر لم يكن مجرد انقلاب لتغيير الحاكم بل ثورة مفاهيم وقيم سياسية واجتماعية واقتصادية، لم تكن ثورة فئة أو طبقة أو جهة بل كانت ثورة كل الناس من أجل كل الناس، فقط انظروا إلى طيف أسماء الضباط الأحرار وانظروا إلى أهداف الثورة الستة ستعرفون قيمة الحدث وأبعاده الثقافية والاجتماعية والسياسية، انظروا بعين الإنصاف إلى ما تم من إنجازات بكل المجالات ووفق الإمكانات المتاحة وتعقيدات المشهد، حينها فقط ستعرفون قيمة ما حدث وعمق تأثير ونضج وضرورة ما حدث، نعم ثورة كل الناس من أجل الناس كلهم، لا فئوية ولا طبقية ولا انتهازية.
لقد حققت الثورة إنجازات لا يمكن إنكارها أو القفز عليها، إنجازات للوطن والمجتمع والفرد بفعل التغيير الذي أحدثته سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، لقد غيرت الثورة مجرى التاريخ اليمني في الشمال والجنوب. ولأن الإنسان هدف الثورة وغايتها فقد كان التعليم أهم أهداف الثورة المباشرة وغير المباشرة فلا قيمة لتغيير لا يكون الإنسان وسيلته وغايته. لقد تحقق كثيرا من الطموح وأصبح التعليم مشاعا وبرزت طبقة واسعة من المتعلمين بفعل الثورة، ولذلك أصبحت أحلام اليمنيين تتسع وتكبر وأصبح ابن الفلاح سفير ومحافظ ووزير بل ورئيس دولة، وأصبحت ابنة الفلاح طبية ومدرسة ومهندسة وأستاذة جامعية وسفيرة بل ووزيرة.
نعم إنجازات وتطورات غيرت أهداف وأحلام المجتمع وأصبح المجتمع يتوق إلى أهداف وأحلام أبعد بكثير مما كان في السنوات الأولى للثورة بفعل الوعي والتقدم المجتمعي، وبفعل المناخ الاجتماعي والاقتصادي الحادث بفعل الثورة وإنجازاتها، ففي التعليم مثلا تطور حلم التعليم من مجرد إحداث التعليم كفعل إلى جودة التعليم وتعميق أثره وتوسعه راسيا لبرامج ما بعد الجامعة وأفقيا ليعم كل القرى والمدن والتجمعات السكانية، وهكذا في الصحة والإدارة وفي كل المجالات الخدمية بل في المجالات كافة.
وكأي عمل كبير وعظيم هناك تعثرات وتحديات وأحيانا قصور وتقصير وسوء تقدير بقصد أو دون قصد وهو أمر متوقع لعظم الأحلام والتوقعات والتحديات وفقر الإمكانيات بالإضافة إلى جوانب العوامل الاجتماعية والثقافية وحجم التركة المدججة بثقافة التخلف والجهل. الأمر يطول لكن ثابت واحد وهو فعل سبتمبر المجيد عظيم وكبير بكبر وعظم اليمن وشعبه، 26 سبتمبر هو الشرارة والفعل والحدث الذي قادنا إلى أكتوبر ومايو.
نقطة ومن أول السطر.
