مع حلول الذكرى الثامنة لمجزرة العبر يتذكر اليمنيون قاطبة واحدة من أكثر المجازر الدموية فداحة وقبحاً استهدفت النواة الأولى لتشكيلات الجيش الوطني في الـ7 من يوليو 2015 في صحراء العبر -محافظة حضرموت- بطيران ما كان يعرف بتحالف دعم الشرعية اليمنية عقب انقلاب مليشيات الحوثي واستيلائها على الدولة؛ المجزرة التي راح ضحيتها مئات الجنود والضباط اليمنيين الذين لبوا نداء الوطن من كافة ربوع البلاد وشكلوا النواة الأولى للجيش الوطني.
على مر السنوات التي تلت مجزرة العبر، استمرت ظاهرة استهداف قوات الجيش الوطني بواسطة طيران التحالف تحت ذرائع الضربات الخاطئة، وهو أمر أثار مزيدًا من الشكوك حول دور التحالف ونواياه في النزاع اليمني وتعامله مع الأطراف المختلفة في الصراع، فكان من المفترض أن استمرار الضربات الخاطئة يسلط الضوء على طبيعة العمليات العسكرية التي تستهدف قوات الجيش الوطني، وبالتالي تشكل حافزاً إضافيًا للتحقيق في جريمة العبر والجرائم التي تلتها وتقديم العدالة للضحايا وأسرهم.
الضربة الجوية التي كانت بداية لسلسلة من الضربات اللاحقة كانت هي الأولى في بنك أهداف التحالف لإضعاف الجيش الوطني ومدخلا لتحقيق نوايا التحالف الحقيقية في تمزيق اللحمة اليمنية والتمهيد للإجهاز على ما تبقى من الشرعية وتوسيع رقعة الاستهدافات الممنهجة لقوات الجيش في مختلف الجبهات تحت ذرائع "الضربات الخاطئة".
لقد أثارت مجزرة العبر التي راح ضحيتها مئات الجنود والضباط على رأسهم قائد اللواء العميد أحمد يحيى الابارة وعدد من رفاقه وأفراد أسرته غضبًا وحزنًا كبيرين في اليمن عامة وفي نفوس أسر الضحايا خاصة، فقد تم استهداف المعسكر الذي يبعد بمسافة من يقارب الـ100 كيلومتر عن خط المواجهة مع مليشيات الحوثي، بثلاث طلعات جوية متفرقة وأعلن التحالف العربي بقيادة السعودية في ذلك الوقت أن الضربة كانت خاطئة وهو ما لم يكن حقيقيا ولا منطقيا.
منذ تلك الحادثة المؤلمة، لايزال الصمت والغموض يخيمان على هذا الملف إذ لم تفِ الحكومة الشرعية اليمنية أو التحالف العربي بوعدهما بكشف الجناة وتقديمهم للعدالة، ما أثار الكثير من التساؤلات حول المستفيد من هذه الجريمة ودور التحالف الذي تقوده السعودية في هذا الاستهداف، كما أدخلت هذه الضربة الشك حينها لدى كثير من القوى اليمنية في النوايا الحقيقية للتحالف، خاصة وأن الضربة جاءت لتستهدف القوات اليمنية الموالية للحكومة الشرعية والتي كانت تقاتل مليشيات الحوثي المسلحة، ولتشكل بعد ذلك قناعة لدى اليمنيين بأن هذا الاستهداف متعمد وممنهج وكان يسعى إلى إضعاف الجيش الوطني وتقويض جهود استعادة الشرعية في اليمن.
ومع إطلالة الذكرى الثامنة لهذه الفاجعة تتكرر معها مرارة جراح أهالي الشهداء في ظل غياب العدالة المنصفة ومحاولة طمس هذه الجريمة وطي معالمها رغم الوعود التي قطعتها قيادة الجيش الوطني المتمثلة بوزارة الدفاع وهيئة الأركان حينها لأسر الضحايا بتحقيق شامل وشفاف لكشف ملابسات الجريمة واطلاع الرأي العام عن الجهة التي تقف خلف هذا الفعل الشنيع وكان يمكن أن تكون هذه المجزرة نقطة تحول لتحقيق العدالة والشفافية وتجنب تكرار مثل هذه الجرائم المروعة في المستقبل.
ستظل مجزرة العبر جرحًا غائراً في قلب كل يمني حر، وسيظل الباب مفتوحاً للمطالبة بحقوق الضحايا وإنصافهم فيما الشهداء ينتظرون تحقيق العدالة المنسية مهما تأخرت.