;
عبدالباسط القاعدي
عبدالباسط القاعدي

عن الكسارة والمنتخب والاتحاد 737

2023-01-10 02:10:08

أفسدت مواقع التواصل الاجتماعي القيم والتقاليد وجعلت القدح والنيل من كل شيء أمراً يسيراً وفي متناول اليد وإضافة إلى معاناتنا كيمنيين فقد زادت الطين بلة وجعلت "اللي ما يشتري يتفرج".

shape3

مؤسف الحال الذي وصلنا إليه حد البكاء، يقوم "فلان" من الناس بكتابة بوست أو تغريدة حول "علان" وإذا بالمغردين يهبون من كل حدب وصوب للنيل من "علان" رغم أنهم لا يعرفونه ولا يعرفون أي تفاصيل حول أداء الشخص أو الموضوع محل النقاش، كما ليسوا على اطلاع أو علم بصحة ما طرحه "فلان".

حتى في الشأن العام والقضايا الوطنية يغيب صوت العقل وتطغى لغة الاتهامات والنيل من الآخر ويتعدى الأمر النقد إلى الخوض في المسائل الخاصة والنيل من الأشخاص على حساب القضايا وهو ما يساهم في تمييع القضايا بالإبتعاد عن متن المشكلة وجوهرها والإنشغال بالهوامش.

من خلف شاشة التلفون وحروف الكيبورد تتمدد القطيعة حيث يفقد الشخص حساسيته تجاه من لا يعرفه ويستسهل الإساءة إليه، ومع مرور الوقت تنمو العداوات وتتشكل الأحقاد.

مارسنا الكتابة في الصحافة الورقية وفق تقاليد العمل الصحفي وكنا نكتب التقرير والخبر والمقال ونمارس دور الرقيب الذاتي، نتحرى فيه المصداقية والدقة والموضوعية، ونترفع عن النيل من الأشخاص وهذا السمت هو الغالب الأعم، كما أن التعليم المتخصص الذي كان يتلقاه الصحفي أو يتعلمه ذاتيا من خلال قراءة مناهج العمل الصحفي وأخلاقيات المهمة كان لها دور في ضبط مخرجات العمل الصحفي، وحتى ما كان يسمى بالصحف الصفراء كان يضبطها جزئياً الخوف من الجرجرة في المحاكم.

اليوم من يضبط الإنفلات الحاصل في سوق التواصل الاجتماعي فقد أتاحت للكل النيل من الجميع متحللين من أي التزامات، كما أن حالة الانقسام والشرخ الاجتماعي الذي أحدثته الحرب ساهم بشكل كبير في تفشي خطاب الكراهية وإشاعة البغضاء وانتشار لغة التخوين واستسهال رمي التهم المعلبة والجاهزة.

بل إن هذه الحالة من الإنفلات أصبحت ممولة وأنشئت لأجل ذلك مطابخ إعلامية يصرف عليها مبالغ باهضة تدير حملات إعلامية ضد الأشخاص والكيانات والمؤسسات وحتى الدول، والحالة اليمنية ليست بدعاً عن حال بقية الدول العربية في هذا الشأن.

وتتحكم هذه المطابخ بتوجيه الرأي العام وتحديد بوصلة اهتمامه، وإشغاله بالقضايا التي تخدم أجنداتها الخاصة حتى وإن كانت قضايا هامشية وتافهة، ومن لديه القدرة على صناعة المحتوى الإعلامي من الفلاش إلى التصميم والصورة يتحكم في توجيه دفة تناول الناشطين في هذه المواقع، ويتحول الأمر إلى مثابة طوفان يجرف في طريقه الجميع.

لقد وفرت مواقف مواقع التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنمو الشائعات وتكاثرها وبحسب دراسات علمية فإن أغلب ما يتم تداوله عبر هذه المواقع عبارة عن شائعات مجهولة المصدر على الرغم من الخدمة التي وفرتها هذه المواقع.

ومن هنا نشأ مصطلح "الذباب الالكتروني" ويقصد به الحسابات بمعرفات وهمية أو أسماء مستعارة تنشط في الحملات الإعلامية الموجهة لصناعة رأي عام حول قضية ما، وأصبح الأمر تخصصاً تديره أجهزة إعلامية ومخابراتية أيضاً.

وبالنظر إلى اللغط الدائر في موضوع المنتخب الوطني الأول نلاحظ كيف انشغل الرأي العام بمسألة "الكسارة"، وجعل منها قضية القضايا ومدخلاً للنيل من الاتحاد اليمني لكرة القدم ورئيسه وكافة أعضائه والكادر الإداري والفني رغم نفي الاتحاد وحتى اللاعب نفسه وجود نقص في التجهيزات التي يحتاجها المنتخب.

وبدلا من اشتغال الرأي العام على دعم المنتخب ورفع معنوياته وتحفيزه على تقديم أداء أفضل في المباريات القادمة، تحولت المسالة للنيل من الجميع بما في ذلك المنتخب ذاته.

على سبيل المثال سألت مسؤول رفيع في الاتحاد اليمني لكرة القدم حول موضوع الكسارة والملابس والتجهيزات التي يحتاجها المنتخب فأكد لي أن مخازن الاتحاد مليئة بكل التجهيزات وأن استبدال الكسارة بين لاعبين أمر عادي والكسارات متوفرة، وسخر من اكذوبة نقص الملابس والتي لا يوجد لها مصدر سوى مذيع عراقي في قناة مغمورة وقد نفى مدرب منتخبنا ذلك.

ويبدو أن المسالة في أحد وجوهها وجود أطراف إعلامية رياضية هي من تغذي هذه الشائعات وتعمل على إثارتها وتصدير مشاهد تخدم استمرارها والأمر متعلق بالوفود الإعلامية المرافقة للمنتخب وغيره من القضايا ذات الصلة.

المؤسف هو تحول الأمر إلى حملات إساءة تعدت الأشخاص والكيانات إلى النيل من اليمن وشاركت في ذلك معرفات بأسماء عراقية وغيرها، قد تكون ذباب إلكتروني يتم الاستشهاد بها في حملة الردح.

ولو أخذنا نفسا عميقا وأخذنا ورقة وقلم ودونا خيباتنا طيلة السنوات الماضية لوجدنا الرياضة هي نقطة الضوء التي ظلت تومض وتشعل في نفوسنا جذوة الأمل بأن اليمن لا يزال بخير، فقد وحدت المشاعر في مناسبات كثيرة ورفعت راية اليمن الكبير في كل المحافل الدولية، وحققت انتصارات رفعت رؤوسنا جميعا.

ويحسب للاتحاد اليمني لكرة القدم أنه حافظ على كيانه موحداً رغم التشظي الكبير الذي أصاب كل شيء في حياتنا بما في ذلك مشاعرنا وأحاسيسنا، وظل الاتحاد يقاوم ويسجل حضور اليمن في مختلف البطولات وحين يكسب نرفع له القبعات وحين يخسر نقيل عثرته ونعينه على مواصلة السير.

* موقع "المصدر أونلاين"

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد