تمثل تكنولوجيا المعلومات الابتكار الأعظم في عصرنا الراهن، فهي الأدوات التي خَلقت مفهوم العولمة وحولت العالم إلى قرية صغيرة. إن من المشكلات الشرعية والقانونية التي تواجه رجال العدالة الجنائية في الجمهورية اليمنية هو عدم وجود تشريع جنائي خاص بالجرائم الإلكترونية تُنظم جميع الاستدلالات والتحقيق في الجرائم الإلكترونية وطرق إثباتها، ولا مناص أمام القضاة في ظل تزايد قضايا الابتزاز الإلكتروني التي تُعرض أمامهم إلا بالرجوع إلى نصوص وأحكام القانون اليمني والتي منها :.
1- قانون رقم (12) لسنة 1994 بشأن الجرائم والعقوبات في مواده التي {245 - 256- 257- 313}. 2- قانون رقم (13) لسنة 1994 بشأن الإجراءات الجزائية. 3 - قانون رقم (40) لسنة 2006 بشأن أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الإلكترونية .
إذن فالنيابة العامة ليس أمامها إلا الاستعانة بما هو موجود من نصوص في القانون الجنائي لمواجهة الجرائم المعلوماتية والاستعانة بالخبراء، وكل ذلك يؤدي بلا شك إلى المساس بمبدأ الشرعية الجنائية ومبدأ التفسير الضيق للنص الجنائي بحيث يُعرض إجراءات الاستدلال والتحقيق وحتى المحاكمة لعورات قانونية تشوبها، وإمكانية الطعن فيها ، ما يؤدي بالنتيجة لبطلانها وهذا يعني أننا نعيش في ظل فراغ تشريعي أو على أقل تقدير قصور تشريعي لمواجهة الجرائم المعلوماتية، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول استيعاب نصوص وأحكام تلك القوانين وتناسبها وملائمتها لمقتضيات سير إجراءات الاستدلال والتحقيق في الجرائم الإلكترونية ، وكذا حجية الإثبات الرقمية من عدمها. الشيء الذي يقودنا إلى ذكر بعضاً من أوجه القصور التشريعي :
أولاً : إن مبدأ الشرعية الجنائية يفرض عدم جواز التجريم والعقاب عند انتفاء النص، الأمر الذي يمنع مجازاة مرتكبي السلوك الضار أو الخطر على المجتمع بواسطة الإنترنت، طالما أن المقنن اليمني لم يقم بسن التشريعات اللازمة لإدخال هذا السلوك ضمن دائرة التجريم والعقاب. لذا يتعين على المقنن اليمني مواكبة التطورات التي حدثت في المجتمعات العربية والأجنبية للتصدي لظاهرة الإجرام المعلوماتي .
ثانياً: ضعف وجود تصور واضح المعالم للقانون والقضاء تجاه الجرائم الإلكترونية لكونها من الجرائم الحديثة. الشيء الذي يقودنا إلى :
أ- صعوبة في الوصول إلى مرتكبي أغلب الجرائم الإلكترونية
ب- صعوبة في الوصول إلى الدليل ت- نقص خبرة الشرطة وجهات الادعاء والقضاء، نظراً لطبيعة الجرائم الإلكترونية .
ثالثاً : رغم صدور عدد من التشريعات بشأن حماية الملكية الفكرية والصناعية التي تضمنت النص على برامج الحاسب واعتبرتها من ضمن المصنفات المحمية في القانون، إلا أن مكافحة الجرائم المعلوماتية في اليمن ما زالت بلا غطاء تشريعي يحددها ويجرم كافة صورها. ومما تجد الإشارة إليه أن التشريعات الموجودة في القانون اليمني إما أنها لا زلت ناقصة وقاصرة، أو أن هناك فراغ تشريعي يحتاج إلى سد من رجال القانون. وبناء على ما تقدم، فقد حان الأوان لأن يعمل المقنن اليمني أكثر من أي وقت مضى للتدخل من أجل إصدار قانون يسمى " قانون الجرائم الإلكترونية " أسوة بما هو مقرر في التشريعات العربية والأجنبية المعاصرة، تضمن وتصون حقوق الأفراد وحرياتهم في مواجهة هذه التهديدات. ويتعين علينا أن نرصد بعضاً من وسائل سد الفراغ التشريعي وفي تصورنا للحلول المقترحة إضافة إلى ضرورة إصدار قانون الجرائم الإلكتروني يمكن أن تكون الحلول الأخرى على النحو التالي "
1- ضرورة تخصيص شرطة خاصة لمكافحة الجرائم الإلكترونية .
2- يتعين تدريب النيابة العامة بشأن التعامل مع أجهزة الحاسوب والإنترنت .
3- ضرورة نشر الوعي بين المواطنين
– ولا سيما الشباب- بمخاطر التعامل مع المواقع السيئة على شبكة الإنترنت
4- يتعين إدخال مادة " أخلاقيات استخدام الإنترنت ضمن المناهج الدراسية .