صالح المهراجا " هكذا كنا نسميه "
صالح الضحوك وهو يعطي نفسه للصحب والرفقة مرة واحدة .
لم يكن جنوبيا ولا شماليا، يصلح أن يكون من حيد بلا تعريف، يذكرك برجل صادفته يوما في صعدة وبآخر يبيع الطماطم في جولة بتعز، ضالعي بلا مباهاة وجنوبي مغرم بالشمال وشمالي وكأنه الوعي الباطن للجنوب .
صالح هو الوحدة اليمنية وقد نسيت كيف تكتب بيانا بهذا الشأن .
يذكرك بابن خالك وابن مطيع لرجل اكتهل فجأة ومر بقريتك يبحث عن طبيب أعشاب .
صدفة مقيل وإذا به يتصل بك ليتحدث بلهجة زميلك من صف ثاني، الصحفي والناشط، الزميل الذي كان يقسم الكتاب إلى " هيتر بيتر وتيري بيري ' وهذا تعريف اشتقه صالح من لغة لا يتحدثها أحد غير المتهكم الطيب ذي الملامح التي تذكرك بالابن الأكبر لكل عائلة .
الذي كان يرتجل كل يوم مجموعة مزاحات وتسميات تبقينا مبتسمين، هذا الضالعي الأقرب لفكرة تحويل الحياة إلى مزحة .
لكنها الحياة اللئيمة وقد واجهته من جانبها بالمزحة المأساوية .
في زمن لئيم كهذا تعتل أكباد الناس الطيبين، وكأنه الإمعان في تجريدنا من كل ما هو ضحوك ومتسامح وبعيد عن متناول تصنيفات خنادق الجغرافيا .
لمن نتحدث بشأنك يا صالح، معارفك القادرون بلا عواطف من أي نوع، انهم التجسيد للبراغماتيك، النفعية اليمنية على هيئة نخبة استثمرت الخسران الكبير، فيما بقي أصدقاؤك العاطفيين من لا يزالون على قدر من حس التضامن تجاه مباغتات القدر، لا يزالون كعادتهم معتلين بمتاعبهم وباختبارات زمن لا يمنح لأي منهم إمكانية التصرف كأصدقاء اوفياء قادرين على فعل شيء لأجل من قاسمهم البدايات البريئة والثمن الفادح للتجريب في السياسة .
كل سياسي يمني " تيري بيري " يا صالح، تعريفك لانعدام الأهلية، أهلية حماية أي شيء او أحد عدا حماية طاولة القمار الملعونة، وبمزاج مقامر هو الرابح الحتمي والوحيد وقد خاضها متواطئا مع طاولة اسقطت معه برنامج الاحتمالات، تاركة له خيار الربح الشخصي مقابل الخسارة الجماعية .
يستقوون أكثر، تتحسن بشرتهم وتلمع ويحظون حتى بالصحة الجيدة شأن أي قطيع محظوظ بسخاء زمن الخسة وكأنه يمنح الرشوة ليبقى ومن حولهم يتساقط كل من يفتقر لتلك الخاصية تجاه مستقبله الشخصي .
في الزحام لا أحد يا صالح
أمسينا مؤمنين كأي عاجزين فقدوا حائطا وجدارا يستندون عليه ولم يعد بوسعنا شيء غير أن نردد : يا الله
لم أكن اعرف أنك قد مت
كنت بصدد مساندة عاطفية لصديق يحتضر .
مات صالح
حسنا : سأفكر في ال ال
مات صالح ولست قادرا على البكاء .