جمعت الرياض كل القوى التي ليس بيدها من الأمر شيئًا، سوى ترديد ما لقنتهم إياه؛ ليسمعه العالم بلسان يمني، ولهجة يمنية خالصة، فتهافت المشاركون إلى قاعة المشاورات، على وقع صريف الريالات السعودية؛ كتهافت الفراش على الضوء، رغم الارتباك الواضح الذي سبق الإعداد لها، وهزالة القضايا التي دعتهم لمناقشتها، لتفتح في الوقت نفسه مسارًا موازيًا للحوار مع الحوثيين، بتنسيق، ورعاية دولية، بطريقة مختلفة شكلًا ومضمونًا عن دعوة أتباعها، طريقتان مختلفتان، تمثلان نموذجًا ثابتًا للسياسية السعودية في تعاملها مع أتباعها، وخصومها في المنطقة، فقد رأينا- من قبل- كيف تعاملت الرياض مع قوى الثورة السورية التي دعمتها للخروج على نظام الأسد، لينتهي الحال بقادة المعارضة السورية كمتسولين على أبواب سفاراتها، بعدما قررت الذهاب حبوًا على ركبتيها معتذرة للأسد الذي لم يقبل اعتذارها حتى اللحظة .
ورأينا كيف تعاملت مع رجلها الأول في لبنان سعد الحريري، وتياره السياسي الذي يمثل الطائفة السنية، لتنهي علاقة الحريري بها بمحاولة اعتقاله في الجناح المجاور للرئيس هادي، ولم تطلق سراحه إلا بعد بيان شديد اللهجة للخارجية الفرنسية وجهته للرياض، بعودة الحريري إلى بلده فورًا، فخرج الحريري من الرياض ولم يعد إليها حتى اليوم .
ورأينا كيف تعاملت الرياض مع الشرعية اليمنية، ومع القوى السياسية الموالية لها التي ظلت تستخدمها كمساحيق لتجميل أفعالها القبيحة طيلة سنوات الحرب، وتوظيف دورها الثانوي الهزيل في المشهد السياسي كمقبلات قبل أي دعوة للحوثيين؛ للحضور إلى مائدتها العامرة، بالتنازلات الكبيرة، والعروض المغرية، ليكتفي المشاركون بالريالات المعدودة التي ستهبها لهم، بعد أن يقضوا عدة أيام دورة العصف الذهني للجان الإعلامية، ولجان العمل الإنساني التي يشرف عليها مدربو التنمية البشرية، التي ستختم أعمال يومها الأخير بفرش البساط الأحمر الذي ستطأه أقدام الوفد الحوثي الذي ستتفاوض معه الرياض لإنهاء الحرب في اليمن؛ وفقًا للشروط الحوثية، بإشراف دولي، بعد قبول الرياض بكل شروط الحوثي التي ظل متمسكًا بها مع كل دعوة من الدعوات المتكررة التي وجهتها الرياض للحوثيين طوال الفترة الماضية، التي رضخت الرياض لها، على وقع صيحات التكبير، والتهليل التي ضجت بها قاعة المشاركين في دورة التنمية البشرية، قبل أي موافقة للحوثي عليها .