قال تعالى : سنشد عضدك بأخيك وقال الشاعر : أخاك أخاك فإن من لا اخا له كساع إلى الهيجاء بغير سلاح نبتوا في رحم واحد، ورضعوا من سقاء واحد، وعاشوا تحت سقف واحد، دمٌ واحد، وأصلٌ واحد، حتى إذا ما كبروا وافترقوا تفرقت قلوبهم وتشتتت مشاعرهم، وتقطعت أواصرهم، والدم اللي قالوا عنه : « عمره ما يبقى ميّه » أصبح ببيسي كولا، وفي كثير من الحالات يصبح ماء نار ، وصدق في كثير منهم المثل اليمني القائل : ما ينفعك مال أخيك ولا سراجه يضيء لك » رأيت أخا يسكن القصور، وله أخت تسكن في مكان يشبه القبور ! لم أكن أصدق أن للوزير أخاً غفيراً ! ورجل الاعمال الكبير له أخ فقير ! وتلك التي تلبس الألماس لها أخت تحلم بآنية من نحاس . رأيت أخا يغار على زوجته من نسمة الهواء، وله أخت تعمل فرّاشة في مشفى، أو نادلة في مطعم لتوفر لأطفالها لقمة يأكلونها ! ورأيت أختاً تُلبس أولادها الفاخر من الثياب، وتحرص على شراء الماركات العالمية، ولا يهتز قلبها لرؤية أولاد أخيها وهم يلبسون أسوأ ما تعرضه محلات التخفيضات ! ورأيت أخا يصرف آلاف الدولارات على التفاهات وبعض إخوانه يحلمون ببعض الريالات ! ورأيت أخا يكرم زوجته، فيشتري لها أفخر الثياب، ومن الطعام ما لذ وطاب، ولو اشتهت لبن الطيور ما تأخر عن حلب العصفور، وأخته وأخوه يحلمان بقيمة زجاجة دواء، أو شراء غذاء، أو دفع إيجار، أو شراء كساء ! ونيابة عن الأخ والأخت يقول الشاعر مختار النهمي شاكيا : أخي أخي من حين زاد ماله ماعد فعل رنة ولا رسالة أخي أخي اتغير من دون أسباب ماعد سأل عني أو دق لي باب ويصل ببعضهم الإجرام إلى سلب الحقوق وأكل الميراث . وقصص غير ذلك كثيرة كثيرة كثيرة، وما ذكرته ليس إلا غيضا من فيض قال تعالى : « وآت ذا القربى حقه » وقال صلى الله عليه وسلم : " يد المعطي العليا ، وابدأ بمن تعول : أمك وأباك ، وأختك وأخاك ، ثم أدناك أدناك } رواه النسائي ".
أحلام القبيلي
«ولا سراجه يضيء لك» 1092