منذ 2017 اتخذت السعودية سياسة الانكفاء الى الداخل والتركيز على بلورة سياسات اقتصادية منافسة، وكما سحبت دعمها للعراقيين والسوريين أبلغت الفرنسيين أن لبنان بلد غير مهم لها.
ترافق هذا الانكفاء مع سياسة ترامب المتهورة في حل مشاكل الشرق الأوسط من خلال تطبيع علاقات الدول العربية مع إسرائيل. للسعودية نافذة واحدة تقتصر على الجهود الاغاثية هي مركز الملك سلمان الذي يتواجد بقوة في اليمن، والى الآن لم تعلن أي أرقام لفاعلية المركز في غزة، وفلسطين ، رغم الادانة السياسية من الرياض لسياسات اسرائيل الاحتلالية .
الانكفاء السعودي لم يعد يتعلق بقضايا الصراع مع إيران ، بل هناك انسحاب من الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وبالتالي هناك خسارة واضحة خسرتها القضية الفلسطينية ، لكن هناك خسارة أكبر للسعودية التي قلت قدرتها في التأثير الاقليمي. فالانسحاب السعودي وخروج الامارات من أي دور بعد اعلانها التطبيع خاصة وكانت أبوظبي تعتبر مكتب تنسيق واتصال بين الرياض وتل أبيب ، إلى جانب التقارب الايراني القطري ، كل ذلك أعطى دورا كبيرا لدولة صغيرة مثل قطر للعب في الشرق الأوسط بتأثير يفوق تأثير السعودية والإمارات ، والبلدان كانا يشكلان ضلعين من أضلاع المثلث الذي بادر بوأد الربيع العربي إلى جانب مصر التي سلكت سلوكا مختلفا فقد بادرت بتحسين علاقتها مع حماس وبقية الفصائل الفلسطينية للبقاء في دائرة التأثير الاقليمي .
لا نتحدث هنا عن حجم المصالح الاقتصادية أو الخسائر السياسية للسعودية بسبب الانكفاء الذاتي عن أي تأثير اقليمي رغم أن ما دفعته الرياض لواشنطن وحكومات بعضها مدعومة من إيران مقابل اعادة العلاقات والقبول بالوضع الراهن خلال هذه الفترة أكثر مما خسرته في حرب اليمن ، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل ستواصل السعودية الانزواء أكثر الى درجة الانسحاب من اليمن ؟ كثير من المؤشرات تؤكد أن السعودية تنسحب انسحابا تدريجيا من اليمن وهي تبحث فعلا عن أي حل، يبقيها جزئيا في التأثير على بعض المناطق في حال حصل انشطارات لبلد ظل في دائرة حرب منسية ست سنوات، او تأثير جزئي في سلطة موحدة إذا لم يحصل انشطارات ، لكن المؤكد أن الرياض لم تعد تطلع لما كانت تطلع له من نفوذ في اليمن قبل الحرب .